الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم الاغتيالات! محمود كلم

الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم الاغتيالات! محمود كلم
لقد أصبحت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الأفراد في العصر الحديث، حيث تمتد تأثيراتها لتشمل مختلف المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، وحتى الأمنية. وبينما تُمثل هذه الأدوات وسيلة للتواصل والتعبير، فإنها باتت تؤدي دوراً مزدوجاً، حيث استُغلت في بعض الحالات كأدوات في عمليات الاغتيال.
تشكل الهواتف الذكية وسيلة فعالة لجمع المعلومات عن الضحايا المحتملين. بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للمهاجمين مراقبة أنشطة الهدف، ومعرفة أماكن وجوده وتحديد جدول أعماله اليومي من خلال المنشورات والصور. على سبيل المثال، يمكن لتحديد الموقع الجغرافي (Geotagging) المدمج في بعض التطبيقات مثل فيسبوك وإنستغرام أن يكشف مواقع الضحايا بدقة، مما يسهل عملية التخطيط لاغتيالهم.
تتيح تطبيقات المراسلة المشفرة مثل واتساب، تيليغرام، وسيجنال للمجموعات التخطيط والتنسيق بسرية دون خوف من التجسس أو الاختراق. يتم استخدام هذه التطبيقات لتبادل المعلومات، تحديد توقيت العملية، وتنفيذها بدقة. يضاف إلى ذلك أن تقنيات مثل المكالمات عبر الإنترنت (VoIP) توفر وسيلة أخرى للاتصال الآمن.
مع التقدم التكنولوجي، بات من الممكن تنفيذ عمليات اغتيال عن بُعد باستخدام الأجهزة المتصلة بالإنترنت. يمكن على سبيل المثال استخدام طائرات بدون طيار (درونز) موجهة بواسطة الهواتف الذكية لاستهداف الأشخاص في أماكن يصعب الوصول إليها. كما أن الهواتف تُستخدم لتفعيل متفجرات عن بعد في عمليات اغتيال عديدة.
تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في بعض الحالات كوسيلة لتبرير عمليات الاغتيال أو تشويه سمعة الضحايا بعد قتلهم. يمكن للجهات المسؤولة عن الاغتيال استغلال هذه المنصات لنشر روايات كاذبة أو لتبني المسؤولية من قبل مجموعات مجهولة بهدف تضليل التحقيقات أو الترويج لأيديولوجيات معينة.
تقدم الهواتف الذكية أدوات لتشويه أو إخفاء الأدلة. يمكن للمهاجمين استخدام تطبيقات حذف البيانات لمسح أي آثار رقمية قد تُربط بهم بالجريمة. كما يمكن استغلال الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) وتقنيات التشفير لتغطية مساراتهم الإلكترونية ومنع تعقبهم.
يشكل الاستخدام المزدوج تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية. على الرغم من أن الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي توفر بيانات يمكن أن تسهم في التحقيقات مثل تحديد الموقع أو الرسائل المشفرة، إلا أن استخدامها كأداة للجريمة يفرض ضرورة تطوير تقنيات متقدمة لرصد النشاطات المشبوهة.
شهد العالم العديد من الحالات التي أظهرت دور الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي في الاغتيالات. على سبيل المثال، اغتيال شخصيات بارزة تم تتبع مواقعها عبر تطبيقات مثل تويتر وإنستغرام. كما استخدمت الدول الإرهابية وسائل التواصل لاستقطاب الأفراد وتوجيههم لتنفيذ عمليات اغتيال.
إن الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي تمثل سلاحاً ذا حدين؛ فهي أدوات مفيدة للتواصل والمشاركة، ولكنها تحمل أيضاً خطورة عندما تُستخدم في أغراض إجرامية مثل عمليات الاغتيال. لذا، يتطلب التعامل مع هذا الجانب السلبي من التكنولوجيا تكثيف الجهود الأمنية، وتوعية الأفراد بالمخاطر المحتملة لاستخداماتهم الرقمية، وفرض رقابة مدروسة دون المساس بالخصوصية.