لبنان…… ومأزق الكيان الصهيوني وخيارات المقاومة وفاء بهاني

لبنان…… ومأزق الكيان الصهيوني وخيارات المقاومة
وفاء بهاني
يرى الكيان الصهيوني في الحرب التي يشنها على لبنان فرصة سانحة للقضاء على “حزب الله”، سواء على المستوى العسكري أو السياسي. طموحاته تتجاوز فكرة إضعاف المقاومة، إذ يسعى إلى إنهاء وجودها بشكل كامل كعنصر مؤثر في الساحة اللبنانية والإقليمية. الاحتلال يستغل الظروف الراهنة لتحقيق أهدافه، محاولًا شل قدرة المقاومة على التأثير في مسار الأحداث.
سياسة التدمير الشامل التي ينتهجها تركز على تحويل مناطق المقاومة إلى أنقاض، وقلب حياة المدنيين رأسًا على عقب بحجة استهداف عناصر المقاومة. هذا الدمار الذي ألحقه بالبنية التحتية في مختلف أنحاء لبنان ليس عشوائيًا، بل هو خطة مدروسة لضرب مقومات الصمود التي يتمسك بها اللبنانيون. ومع التهجير القسري لآلاف السكان من منازلهم، تبرز محاولات خبيثة لإثارة الفتنة بين الطوائف، وتحويل المهجرين إلى عبء على المناطق المضيفة.
إلى جانب ذلك، يعمل الكيان الصهيوني على زعزعة البيئة الحاضنة للمقاومة، محاولًا خلق انقسامات داخل النسيج الشعبي الذي يدعم “حزب الله”. هذه الاستراتيجية تستهدف تحميل المقاومة مسؤولية الدمار والخراب، وبالتالي إشغالها بمعالجة التداعيات الإنسانية والاجتماعية التي تعصف بالطائفة الشيعية. الخطة تهدف إلى تطويق الحزب بسلسلة من التحديات التي تعرقل مسيرته سياسيًا وعسكريًا.
على الجانب الآخر، يبدو أن “حزب الله” يدرك تمامًا حجم المخاطر والتحديات التي تواجهه. المفاوضات التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الجانب الأميركي تعكس تعقيدات المشهد، حيث إن الشروط المطروحة لا تعدو كونها محاولة لفرض إملاءات تمس السيادة اللبنانية بشكل مباشر. بالنسبة للبعض، فإن هذه الشروط ليست سوى غطاء لاستمرار العدوان بهدف كسر شوكة المقاومة وفرض استسلامها.
يدعم الكيان الصهيوني موقفه بعوامل متعددة، أبرزها الدعم الأميركي والبريطاني، وغياب موقف دولي حازم لوقف إطلاق النار.
الوضع الراهن يكشف عن رهان الكيان الصهيوني على عامل الوقت لتحقيق أهدافه، معتبرًا أن هذه الحرب تمثل فرصة ذهبية لإنهاء ملف المقاومة بشكل نهائي. أما “حزب الله”، فيبدو أنه يرفض أي سيناريو استسلام. المعطيات الحالية تشير إلى أن الحزب مستمر في نهج الصمود الميداني، عازمًا على إفشال أهداف الاحتلال والحفاظ على سيادة لبنان.
في المشهد الدولي، تظهر فرنسا كصوت منفرد يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، بينما يستمر الكيان الصهيوني في تجاهل هذه الدعوات مستغلًا حالة الصمت العربي والدولي. في الوقت ذاته، يظل “حزب الله” قادرًا على تهديد الداخل المحتل بصواريخه، ما يعزز حالة الارتباك لدى الاحتلال ويعوق تحقيق الأمن المنشود في مستوطنات الشمال.
مع اقتراب موعد تسلم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب منصبه، تتعاظم احتمالات توسع المواجهة إلى صراع إقليمي واسع. استمرار الحرب حتى ذلك الوقت قد يفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق. تبقى الخيارات مفتوحة بين تسوية سياسية بشروط دولية أو تصعيد عسكري قد يجر المنطقة إلى مزيد من الفوضى والدمار.