بأقلامهم

غزغزة الضفة الغربية ومفاوضات المرحلة الثانية: تحليل لألحداث والتطورات

فؤاد بكر
حقوقي وسياسي فلسطيني

غزغزة الضفة الغربية ومفاوضات المرحلة الثانية:
تحليل لألحداث والتطورات
مقدمة
يشهد الوضع في الضفة الغربية تصعيدًا ملحو ظا من قبل القوات اإلسرائيلية، حيث تتواصل العمليات العسكرية
التي تتسم بطابع اإلبادة الجماعية الناعمة، وإن لم تكن بنفس حدة العنف الظاهر في قطاع غزة. اذ ال يقتصر
المخطط اإلسرائيلي على استهداف قطاع غزة فحسب، بل يشمل الضفة الغربية أي ضا، حيث يُالحظ وجود
استراتيجية تهدف إلى تشتيت انتباه المجتمع الدولي نحو غزة، بينما يتم تنفيذ عمليات تهجير وقتل ممنهجة في
الضفة الغربية.
عملية “السور الحديدي” وتأثيرها على الضفة الغربية
تعد “عملية السور الحديدي” أحد أبرز األمثلة على االستراتيجية اإلسرائيلية الحالية في الضفة الغربية، حيث
أدت هذه العملية إلى تهجير ما يقارب 30 ألف فلسطيني من مخيمات الالجئين في شمال الضفة. تتسم هذه
العملية بسياسة الحصار الطويل األمد، وهو نهج لم يسبق أن اتبعته إسرائيل في عملياتها العسكرية السابقة. فمنذ
، فرضت إسرائيل حصا را مشددًا على شمال الضفة، مشاب ه السابع من أكتوبر 2023 ا لذلك الذي تعرض له
قطاع غزة، ويتضمن هذا الحصار انقطاع الكهرباء، نقص المياه، تدمير البنية التحتية، والمرافق الصحية مثل
مستشفى جنين الحكومي، إضافة إلى إقامة حواجز عسكرية مكثفة تعيق الحياة اليومية للفلسطينيين.
استراتيجية إسرائيل في توسيع دائرة الصراع
تشير هذه اإلجراءات إلى أن الحكومة اإلسرائيلية الحالية ال تسعى إلى إنهاء الحرب، بل تعمل على نقل المعركة
تدريجيًا من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. في هذا السياق، تبرز مفاوضات المرحلة الثانية من وقف الحرب
في غزة، حيث تم تكليف المستشار اإلسرائيلي رون ديرمر بقيادة المفاوضات، وذلك بشرط نزع سالح المقاومة
يُعد عائقً الفلسطينية، والذي ا أساسيًا أمام تقدم المفاوضات، إذ يشترط رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتنياهو
عدم إحراز أي تقدم في هذه المرحلة ما لم يتم تحقيق هذا الهدف. كما تضمنت شروط إسرائيل تمديد المرحلة
األولى من االتفاق بهدف إطالق سراح المزيد من األسرى اإلسرائيليين، دون تقديم أي ضمانات ملموسة
للمقاومة الفلسطينية فيما يتعلق بالمرحلتين الثانية والثالثة، اللتين تعتبران أكثر تعقيدًا من المرحلة األولى.

المرحلة األولى من المفاوضات واإلخفاق اإلسرائيلي
تميزت المرحلة األولى من اتفاق وقف الحرب بطابع أمني، إذ ركزت على تبادل قوائم األسرى اإلسرائيليين
لدى المقاومة الفلسطينية. إال أن هذه المرحلة انتهت بإخفاق إسرائيلي واضح، حيث لم تحقق األهداف المرجوة.
على إثر ذلك، استبعد نتنياهو كالًمن ديفيد برنياع، رئيس الموساد، ورونين بار، رئيس الشاباك، من مفاوضات
المرحلة الثانية، خاصة بعد انتهاء المرحلة األولى بإطالق سراح أربعة جثامين وستة أسرى إسرائيليين.
مخططات التهجير ودور الواليات المتحدة
تشمل المرحلة الثانية من وقف الحرب إطالق سراح 59 أسي را إسرائيليًا، حيث تشير التقديرات االستخباراتية
اإلسرائيلية إلى أن 35 منهم قد يكونون غير أحياء. في هذا السياق، اختار نتنياهو المستشار ديرمر لقيادة
المفاوضات نظ را لعالقاته الوثيقة بالواليات المتحدة، وذلك بهدف التباحث حول خطط تهجير الفلسطينيين من
قطاع غزة والضفة الغربية، بما يتماشى مع ما يُعرف بـ “خطة ترامب” للتهجير.
وقد بدأت إسرائيل بالفعل في اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ هذا المخطط، حيث وضع وزير الدفاع اإلسرائيلي
خطة لتهجير سكان غزة، تتضمن تشكيل مديرية للهجرة الطوعية. وتعتمد هذه الخطة على تسهيل تهجير
الفلسطينيين عبر مطار رامون، ميناء أسدود، ومعبر كرم أبو سالم، مستغلة ظروف الحرب التي تجمع
الفلسطينيين في مناطق إنسانية معزولة، مما يسهل تنفيذ هذه السياسة.
األهداف اإلسرائيلية االستراتيجية في الضفة الغربية
من الواضح أن إسرائيل تستغل األحداث في قطاع غزة لتشتيت الرأي العام عن الضفة الغربية، إذ تُعتبر الضفة
الغربية جز ءا جوهريًا من المشروع الصهيوني، حيث تسعى إسرائيل إلى تهويدها وتحويلها إلى “يهودا
والسامرة”. يؤدي هذا النهج إلى تصاعد التوترات في الضفة، مما قد يفضي إلى اندالع انتفاضة فلسطينية
ا متزايدًا في المجتمع اإلسرائيلي، حيث يتم تداول احتمال وقوع أحداث
جديدة، وهو األمر الذي بدأ يثير قلقً
مشابهة لـ”سبعة أكتوبر.
خاتمة
يتضح من خالل التحليل، أن إسرائيل تتبنى استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الجيوسياسي في الضفة
الغربية وقطاع غزة، وذلك من خالل تصعيد العمليات العسكرية، فرض الحصار، واتباع سياسات تهجير
منظمة. في الوقت نفسه، تستغل المفاوضات كأداة للمناورة السياسية، دون اي تراجع حقيقي حول مخطط ترامب
لتهجير الفلسطينيين، ومع استمرار هذه السياسات، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التصعيد، مما قد يفتح الباب
أمام تطورات غير متوقعة في المشهد السياسي واألمني في المنطق

[dflip id=”23425″ type=”thumb”][/dflip]

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى