مقالات

عندما يبيع الإنسان وطنه…! وفاء بهاني

في لحظات المحن، تتكشف معادن البشر، ويفضح الزمن أولئك الذين تخلوا عن مبادئهم وجذورهم. ليس غريبًا أن نجد من يحمل هوية الأرض لكنه يتنكر لها، ويصطف إلى جانب جلاديها، متحولًا إلى أداة رخيصة لخدمة العدو. هؤلاء الذين باعوا انتماءهم بثمنٍ بخس، لا عجب أن يكونوا أول من يشوه الحقيقة، وأسرع من يطعن في ظهر أبناء وطنه، وأكثر شراسة في محاربة من يقاوم المحتل.

اليوم، ونحن نشهد زمنًا تُقلب فيه الحقائق رأسًا على عقب، تطل علينا حملة ممنهجة مدفوعة الأجر، يقودها من لا ولاء له إلا لمصالحه، مرددين روايات العدو، محاولين إلقاء اللوم على المقاومين بدلًا من المحتل. لا يملكون شجاعة المواجهة، لكنهم بارعون في الحرب النفسية، في بثّ الشكّ، وفي التحريض على من يذودون عن كرامة الأمة.

ليس غريبًا أن يكون هؤلاء هم أنفسهم من حاولوا منذ البداية إجهاض أي مقاومة، من استهزأوا بكل تضحية، ومن سعوا لتشويه كل إنجاز. واليوم، مع استمرار العدوان، يعيدون تكرار أسطواناتهم المشروخة، متهِمين المقاومة بجرائم الاحتلال، في تماهِ كامل مع دعايته الكاذبة.

حتى حين استُشهد القادة المجاهدون، منهم من ارتقى في ميدان المعركة، ومنهم من اتخذ من خيمته محرابًا يتعبد فيه في ليالي رمضان الأخيرة، داعيًا لوطنه وشعبه، لم يتورعوا عن الشماتة والسخرية، متجاوزين بذلك كل حدود الأخلاق والإنسانية. هؤلاء لم يعد لهم أي صلة بشعبهم، بل تحولوا إلى أدوات تحركها أيدي العدو لمهاجمة من يقف في وجه المحتل.

في النهاية، قالها أحد حكماء فلسطين بعد سماعه نعيقهم:
“لم يشهد التاريخ احتلالًا امتلك عملاء بهذه الرخص والدناءة. إنهم أذلّ من أن يُحسبوا على أمتهم، وأقل شرفًا من أن يُؤتَمنوا على أي قضية. باعوا أنفسهم بثمنٍ بخس، فتخلوا عن كرامتهم، ونسوا أن من يخون شعبه لن يحترمه حتى سيده!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى