البحوث

تقييم مواقف المرشحين الأميركيين وتأثيرها على المصالح العربية: ترامب مقابل هاريس د. محمد حسن سعد

تقييم مواقف المرشحين الأميركيين وتأثيرها على المصالح العربية: ترامب مقابل هاريس

د. محمد حسن سعد

تُعتبر الولايات المتحدة لاعباً أساسياً في السياسة الدولية، وتأثيرتها ممتدة في شتى بقاع العالم، ومنها تأثيرها على القضايا العربية، وبالأخص القضية الفلسطينية، التي لا يمكن تجاهلها، فمع إقتراب الإنتخابات الرئاسية الأميركية، يبرز التساؤل حول أي المرشحين، كامالا هاريس أم دونالد ترامب، يمكن أن يكون أفضل للمصالح العربية. يتطلب هذا التقييم فهماً دقيقاً لتاريخ العلاقات العربية الأميركية، بالإضافة إلى تقييم مواقف كل من المرشحين في سياق الظروف الحالية.

1. خلفية تاريخية

دعمت الولايات المتحدة الأميركية “إسرائيل” بشكل كامل ومن دون قيود منذ تأسيسها عام 1948، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية للرؤساء الأميركيين الذين تعاقبوا على البيت الأبيض، ويتجلى هذا الدعم في مجالات عدة، منها السياسية، الدبلوماسية، العسكرية، الامنية، الاقتصادية، المالية، والثقافية …الخ.

على المستوى السياسي، تعتبر الولايات المتحدة “إسرائيل” حليفاً إستراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط، هذا الدعم يظهر في المواقف السياسية التي تتبناها الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، حيث تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات تدين السياسات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالمستوطنات في الضفة الغربية، ولمنع القرارات التي قد تُعتبر معادية “لإسرائيل”، ويظهر هذا الدعم في تأييدها المطلق لمواقف هذا الكيان وتبنيها لها في المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي مقارباتها للقضايا العربية.

أما على المستوى الدبلوماسي، فإن الولايات المتحدة تلعب دوراً محورياً في تسهيل المفاوضات جولات الحوار بين “إسرائيل” والدول العربية، فقد ساهمت في توقيع إتفاقيات “سلام” تاريخية مثل إتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، كما تسعى الولايات المتحدة أيضاً لتعزيز العلاقات بين “إسرائيل” ودول الخليج، وهو ما تجلى في إتفاقيات أبراهام.

وفي مجال المساعدات العسكرية والإقتصادية فتقدم الولايات المتحدة “لإسرائيل” مساعدات سنوية تقدر بـ3.8 مليار دولار، مما يجعلها أكبر متلقٍ للمساعدات الأميركية. هذه المساعدات تشمل تمويلاً للأمن والدفاع، مما يمكن “إسرائيل” من الحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة.

2. التحولات التاريخية: مرت العلاقات الأميركية الإسرائيلية بتحولات تاريخية مهمة على مر السنين، حيث اتخذ عدد من الرؤساء، مثل دوايت أيزنهاور، جون كينيدي، وجيمي كارتر، مواقف يعدها البعض تتميز بالتوازن النسبي في التعاطي مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن تلك المواقف لم تُحدث تغييرات ملحوظة في الديناميكيات القائمة.

ففي فترة الرئيس أيزنهاور، تم التركيز الضغط على “إسرائيل” للإنسحاب من الأراضي التي إحتلتها بعد العدوان الثلاثي على مصر، لكن هذه الضغوط لم تؤدِّ إلى تسويات دائمة. أما كينيدي، فقد سعى لتعزيز الحوار بين أطراف الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، إلا أن اغتياله عام 1963 منع إستمرارية تلك الجهود. فيما شهدت رئاسة كارتر محادثات كامب ديفيد، التي أسفرت عن إتفاق “سلام بين مصر “وإسرائيل”، لكنها لم تُحقق حلاً شاملاً للصراع العربي ـــ الإسرائيلي.

وعليه يمكن القول، أنه رغم الجهود الدبلوماسية التي بُذلت، ظلت قضايا رئيسية مثل الاستيطان، وضع القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإحتلال الجولان السوري، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية، تحديات قائمة لم يُعالجها أي من هؤلاء الرؤساء وغيرهم بشكل كافٍ، مما يبرز أن المواقف التي يعتبرها البعض متوازنة لم تكن كافية لتغيير مجريات الصراع.

3. ملامح مواقف الرئيس السابق ترامب

خلال ولايته الرئاسية من العام 2017 إلى العام 2021، قام الرئيس السابق دونالد ترامب بخطوات لم يجرؤ عليها رؤساء سابقون نوجزها على الشكل التالي:

القدس عاصمة “إسرائيل”: في كانون الأول/ديسمبر عام 2017، أعلن ترامب اعترافه بالقدس عاصمة “لإسرائيل”، ونقل السفارة الأميركية إليها بحلول أيــار/مايو 2018. هذا القرار أثار ردود فعل غاضبة من الدول العربية والإسلامية وأدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة.

تأييد الإستيطان الإسرائيلي: في آذار/مارس 2019، أيد ترامب بناءالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، معتبراً إياها “قانونية وشرعية”، مما زاد من حدة الانتقادات تجاه السياسة الأميركية في المنطقة.

الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل: في آذار/مارس 2019، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة “إسرائيل” على هضبة الجولان السورية المحتلة، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على الصعيدين الدولي والإقليمي. وقد اعتُبرت هذه الخطوة تغيُّراً كبيراً في السياسة الأميركية تجاه الصراع العرربي ـــ الإسرائيلي، حيث كان الجولان قد أُحتل من قبل “إسرائيل” خلال حرب 1967. وأكد ترامب أن هذا القرار يعكس أهمية الجولان لأمن “إسرائيل”. قوبل هذا الإعلان بانتقادات حادة من الحكومة السورية ودول أخرى، التي اعتبرت أن هذا القرار يُخالف القانون الدولي ويدعم الإحتلال الإسرائيلي. كما أثار القرار مخاوف إقليمية ودولية بشأن تأثيره على جهود “السلام” في المنطقة، وأثره على العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية.

صفقة القرن: في كانون الثاني/يناير 2020،

أعلن ترامب عن “صفقة القرن”، التي تضمنت حلولاً اعتبرتها الكثير من الأطراف الفلسطينية والعربية أحادية الجانب وغير قابلة للتطبيق، هذا الاقتراح تضمن التنازل عن أجزاء من الأراضي الفلسطينية “لإسرائيل” مع تقديم بعض الحلول الإقتصادية، لكنه لم يتطرق إلى حقوق الفلسطينيين التاريخية، ولا في حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم.

التركيز على الأمن: خلال حملته الإنتخابية الحالية، يستمر ترامب في التركيز على فكرة “حماية إسرائيل”، مشددًا على أن أي سياسة تتعارض مع ذلك ستؤدي إلى مخاطر أكبر، كما عبّر ترامب في عدة مناسبات، عن وجهة نظره حول مساحة “إسرائيل”، مشيراً إلى أنها صغيرة نسبياً في سياق مقاربته للصراع العربي الإسرائيلي. ويعتقد ترامب بأهمية هذه المسألة “لإسرائيل” لأنها ستُحافظ على أمنها من خلال السيطرة على مساحات جديدة تصنف في خانة الأراضي الإستراتيجية، وأكد أيضاً على أهمية تعزيز التعاون العسكري والسياسي مع “إسرائيل”، معتبراً أن ضعفها أو تنازلها عن الأراضي قد يؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة. هذه التصريحات أثارت ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض تبريراً للإحتلال والإستيطان، بينما رأى آخرون أنها تعكس تفهماً للأبعاد الأمنية التي تواجهها “إسرائيل”.

4. ملامح مواقف نائبة الرئيس هاريس

تتبنى كامالا هاريس بصفتها مرشحة الحزب الديمقراطي مواقف توصف بانها أقل حدة وتطرفاً من مواقف المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب نوجزها على الشكل التالي:

حل الدولتين: تروج هاريس لفكرة حل الدولتين كسبيل لتحقيق السلام في المنطقة، إذ تدعو في خطاباتها إلى ضرورة الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية دون الإشارة إلى خطة عملية لتحقيق ذلك، وتندرج دعوة هاريس في سياق مخاطبة ود العرب الأميركيين الذين يلعبون دوراً مهما في ترجيح كفتها على ترامب في ولاية ميتشغان على سبيل المثال وهي من الولايات المتأرجحة.

الضغط على “إسرائيل”: تعلن هاريس أنه يتوجب ممارسة الضغوط على “إسرائيل” لوقف الإستيطان في الضفة الغربية، واحترام حقوق الفلسطينيين، وتدعو بين الفينة والأخرى لوقف إطلاق النار في غزة، بالتوازي مع اعلانها بانها تؤيد بالمطلق حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها، وتدعو إلى تعزيز الدعم الأميركي المقدم لها، فضلاً عن ادانتها للمقاومة الفلسطينية، معتبرة إياها حركات وفصائل إرهابية تزعزع أمن “إسرائيل” والمنطقة.

المساعدات الإنسانية: تؤكد هاريس على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودعم القضايا الإنسانية كمؤشر على السياسة الخارجية الأميركية، إلا ان هذا التأكيد يبقى في حدود التصريح، فهي لا تبذل جهوداً لتحقيق ذلك على الاطلاق.

بناء على ما تقدم، ثمة ضبابية كبيرة في مواقف هاريس، وغياب متعمد للوضوح في مقاربة القضايا ذات الأهمية البالغة في العالم العربي عامة، والقضية الفلسطينية خاصة، ومن نافل القول ان مكانة “إسرائيل” بالنسبة لهاريس وللحزب الديمقراطي راسخة ومتقدمة على ما عداها في منطقتنا، كما نشاهد كيف تقدم إدارة بايدن ـــ هاريس دعماً غير مسبوق “لإسرائيل” لم تقدمه أية إدارة أميركية لها على الإطلاق، ما مكنها من إستمرار حربها على غزة، وتوسيعها نحو لبنان الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي واسع وغير مسبوق، ولا ننسى كيف تم منع الصوت العربي في الحزب الديمقراطي من مخاطبة المؤتمر الحزبي الذي انعقد في شيكاغو من 19 إلى 22 آب/أغسطس الفائت، وهذا يدلل على ان هاريس كما ترامب يتشاركان رؤية موحدة عندما يتعلق الأمر “بإسرائيل”.

5. الجاليات العربية وتحولات الرأي العام الاميركي

يتضح من قراءة وتحليل مواقف المرشحين الديمقراطي والجمهوري أن الانحياز الأميركي “لإسرائيل” يمثل حقيقة لا نقاش فيها في الداخل الأميركي بغض النظر عن من يتولى الرئاسة، وعليه توفر الإنتخابات الأميركية الحالية فرصة مهمة لبدء نقاش حول كيفية تأثير الجاليات العربية على السياسة الأميركية، والاستفادة من تحولات الرأي العام الأميركي لبناء إستراتيجيات فاعلة للتاثير من خلال رصد المسائل التالية:

الجاليات العربية في الولايات المتحدة الأميركية: تلعب الجاليات العربية في الولايات المتحدة دوراً حيوياً في دعم القضية الفلسطينية والمساهمة في إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ورفع الوعي بالقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية على مستوى المجتمع الأميركي، من خلال تنظيم الفعاليات المتنوعة، والمظاهرات، والحملات التوعوية، كما ولا ننسى دور وسائل الإعلام العربية كالاذاعات والصحف العربية التي تصدر في الولايات المتحدة، وكما النشطاء البارزين الذين يلعبون دوراً في تشكيل الرأي العام الأميركي المؤيد للقضية الفلسطينية والحقوق العربية. ويجب البناء على حضور هذه الجاليات وإفرادها المنخرطين في الوظائف الحكومية وغير الحكومية لتشكيل جبهة دعم واسعة تشمل المنظمات والمؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان، ونشطاء السلام، والأكاديميين، والإستفادة من الاستخدام الواسع لوسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، لإيصال صوت الفلسطينيين وتوثيق الانتهاكات التي يتعرضون لها، مما يساعد في تشكيل الرأي العام الأميركي ضد الإحتلال الإسرائيلي. هذا النشاط الفاعل يعكس التزام الجاليات العربية بالقضية الفلسطينية، ويساهم في الضغط على صانعي القرار لدعم حقوق الفلسطينيين وانهاء الإحتلال الإسرائيلي.

تحولات الرأي العام: تزايدت الانتقادات الموجهة “لإسرائيل” داخل الولايات المتحدة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة عامة، وفي حربها العدوانية على غزة خاصة، حيث تعززت الأصوات المنادية بحقوق الإنسان وحق تقرير المصير، وتبرز في السياق  جماعات مثل BDS (مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) التي لعبت وتلعب دوراً محورياً في نشر الوعي حول الانتهاكات الإسرائيلية، حيث استخدمت منصات التواصل الإجتماعي والفعاليات العامة لتسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالإحتلال الإسرائيلي، وممارسات التمييز، والقيود المفروضة على الفلسطينيين.

هذه الحركات لم تجذب انتباه الشباب فقط، بل أيضاً بعض الشخصيات السياسية البارزة، مما دفعهم لإعادة التفكير في السياسات التقليدية التي دعمها الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، إذ شهدت السنوات الست الماضية ظهور قيادات سياسية جديدة، مثل رشيدة طليب، إلهان عمر، حيث تتميز مواقفهما الجريئة في قضايا حقوق الإنسان، ودعم ومناصرة القضية الفلسطينية، حيث تتحدثان بصراحة عن معاناة الفلسطينيين، وتدعوان إلى تحقيق العدالة والمساواة، وتؤكدان على أهمية محاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها وحربها المدمرة على غزة، وإستمرار إحتلالها للاراضي الفلسطينية.

في المجمل تبرز طليب وعمر كمثال للتغيير السياسي، حيث تشجعان على إدماج قضايا المساواة والعدالة في الحوار السياسي الأميركي.

كما تبدو لافتة ظاهرة جيل ستاين وهي ناشطة سياسية ومؤسسة لحزب الخضر في الولايات المتحدة، وهي مرشحة للانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني/نوفمبر وقد كانت مرشحة رئاسية في عدة دورات إنتخابية، وتُعرف بمواقفها التقدمية، بما في ذلك دعم حقوق الإنسان والقضايا البيئية. وتدعو ستاين إلى العدالة الإجتماعية وتعتبر دعم حقوق الفلسطينيين جزءاً أساسياً من هذا الإطار الأوسع، وتساهم جهودها في رفع مستوى الوعي حول القضايا العالمية والمحلية، مما يعكس توجها نحو العدالة الشاملة يتنامى ويتسع في الولايات المتحدة.

تُعكس الشخصيات الثلاث، طليب وعمر وستاين، تغيرات ملحوظة في الرأي العام الأميركي، حيث يساهمن في رفع الوعي حول قضايا حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، وفتح باب النقاش على مصراعيه حيال إعادة تقييم العلاقات الأميركية الإسرائيلية، حيث يعتبرنا جزءاً من حركة أوسع تدعو إلى التفكير النقدي حول السياسة الخارجية الأميركية، ويمتد تأثيرهن إلى الأجيال الجديدة، فيشجعن الشباب على الانخراط في الحياة العامة ودعم العدالة الإجتماعية.

تزايدت المبادرات الأكاديمية في الجامعات الأميركية التي تناقش القضية الفلسطينية بشكل أعمق، مما ساهم في انفتاح المناقشات حول حقوق الإنسان والمشاركة الفعلية في صناعة السياسات والقرارات التي تؤثر في الحياة العامة في الداخل الأميركي. وبدأ الطلاب في تنظيم فعاليات وندوات تعكس هذا التوجه، مثل العروض المسرحية والندوات الحوارية، مما يُظهر رغبتهم في المشاركة الفعّالة في الحركات الإجتماعية، كما تلقت هذه المبادرات دعماً من عدد لا بأس به من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الذين يروجون لحوار مفتوح حول القضية الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي.

في المحصلة، تعكس هذه التطورات تحولات ملحوظة في الرأي العام الأميركي، حيث يزداد عدد الشباب الداعمين للعدالة وللقضية الفلسطينية، مما يربط هذه القضية بحركات أكبر تسعى لتحقيق العدالة الإجتماعية بمفهومها الكامل غير المنقوص والمجتزء في الولايات المتحدة. هذه التغيرات تشير إلى إمكانية تحول في السياسة الخارجية الأميركية، حيث قد تتجه بعض القوى السياسية نحو دعم أكبر لحقوق الفلسطينيين، مما يفرض تحديات جديدة على العلاقات الأميركية الإسرائيلية التقليدية.

إستراتيجيات الضغط وبناء شراكات داخل الولايات المتحدة: يتعين على الجاليات العربية تعزيز جهودها في الضغط على صانعي القرار الأميركيين من خلال تكوين تحالفات مع جماعات الضغط الأميركية التي تتبنى مواقف أكثر توازناً، ويمكن تحقيق ذلك عبر التعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمجموعات الأكاديمية التي تدعم قضايا العدالة الإجتماعية، وحق تقرير المصير. علاوة على ذلك، ينبغي للجاليات العربية الإستثمار في بناء شبكة من العلاقات مع الشخصيات السياسية المؤثرة، بما في ذلك الأعضاء الجدد في الكونغرس الذين يتبنون مواقف تقدمية.

كما يمكن تنظيم فعاليات هادفة مشتركة وندوات ومؤتمرات للتوعية بالقضايا العربية، وهذا يساعد نسبياً على كسب دعم المجتمع الأميركي، من خلال إستخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي بشكل فعال، ويمكن أيضاً للجاليات العربية تسليط الضوء على سردياتها والتفاعل مع الشباب الأميركي، مما يعزز الوعي بالقضايا المرتبطة بالحقوق الإنسانية في المنطقة العربية وفي طليعتها القضية الفلسطينية. وبذلك، يمكن للجاليات العربية أن تلعب دوراً فاعلاً في تشكيل النقاشات السياسية الأميركية وتحقيق تأثير إيجابي على السياسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الإقليمية.

6. الخلاصة

في المحصلة، يقارب كل من ترامب وهاريس رؤيتهم تجاه العالم العربي عامة والقضية الفلسطينية خاصة من منظور العلاقات الإستراتيجية الأميركية الإسرائيلية التي تتقدم على ما عداها من علاقات مع دول المنطقة، فدعم “إسرائيل” وإدامة تفوقها النوعي مسألة لا جدال فيها، بل يمكن القول انها مسألة داخلية يجمع عليها كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ومن نافل القول أيضاً ان الإنتخابات الأميركية وما يرافقها من تحولات داخلية وخارجية توفر فرصة سانحة ولحظة فارقة للجاليات العربية للتأثير على القرارات الأميركية التي تخص مصالحها، وهذا ما بدأ يتمظهر في بعض المبادرات التي يجب ان تتخذ طابع المأسسة للإستمرارية، واعتماد إستراتيجيات فعّالة وبناء تحالفات تدعم القضايا العربية ودعم المرشحين للكونغرس الذين يتبنون مواقف تقدمية.

 

المصدر WORD VIEW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى