الواقع الفلسطيني: من المأزق والفراغ الى المقاومة والتجديد اياد عبد العال

الواقع الفلسطيني: من المأزق والفراغ الى المقاومة والتجديد
اياد عبد العال
١٨-١٠-٢٠٢٤
لا بد للمراقب والمنخرط في العمل الوطني أن يدرك أن القضية الفلسطينية كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط والاندثار، وأنها كانت على وشك الانزلاق إلى سنوات وسنوات من الضياع والفوضى، وإلى مزيد من المآسي والمشاكل الاجتماعية، وفقدان الأجيال القادمة لأدنى مستويات الانتماء الوطني والثقافة الوطنية. وكادت الشعوب العربية أن تسلم بواقع القبول بوجود الكيان كحالة شبه طبيعية ترقى إلى حد الاندماج.
ومن وسط كل هذا البؤس في الحالة الفلسطينية والعربية، خرج علينا جيل من المقاومين، عمل سنوات وسنوات بصمت وهدوء، وبرؤية ثاقبة تجمع بين الانتماء الوطني والروحي، وبقيادة وتوجيه قائد فذ قل نظيره. استطاع هذا الجيل بناء مجموعة من المقاومين الأشاوس الذين غيروا مجرى التاريخ وقلبوا المعادلة، ووضعوا أقدامهم على الأرض المقدسة التي أزهرت بدماء الشهداء منذ أكثر من مائة عام، وأعادوا الاعتبار لهذه القضية التي تآمر عليها القاصي والداني، القريب والبعيد.
لقد فجروا السابع من أكتوبر ليكون بمثابة الثورة المدويّة على الاحتلال الصهيوني، الذي أسقط كل إمكانية لحلول كانت بالأساس عقيمة رضي بها البعض الفلسطيني. كما كانت ثورةً على الواقع العربي والإسلامي الغارق في وهم التطبيع والرخاء وضياع الانتماء. رغم التضحيات الجسام والدمار غير المعهود، أعادت هذه الثورة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للإنسانية جمعاء، وكشفت زيف القوانين والأعراف الدولية غير العادلة. الأهم من ذلك، أنها أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن الشعب الفلسطيني يقف مع حقه في التحرير والعودة من خلال المقاومة بكل أشكالها، ويرفض كل مشاريع التسوية المهينة والإذلال والتبعية للاحتلال والنظام الرسمي العربي والدولي، الذي حول المشروع الوطني الفلسطيني إلى شركة مساهمة ينخرها الفساد والمحسوبية، وأفرغ منظمة التحرير الفلسطينية من محتواها، وجعل السلطة أداة بيد المحتل.
إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني: القيادة الوطنية الموحدة
إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني تتطلب أولاً تشكيل قيادة وطنية موحدة، تمثل إرادة الشعب الفلسطيني وتتوحد حول برنامج وطني يستند إلى أهداف التحرير والعودة. هذه القيادة يجب أن تتجاوز الأطر التقليدية التي خذلت القضية، وتكون منبثقة من القواعد الشعبية والكفاءات الوطنية القادرة على قيادة النضال في هذه المرحلة المفصلية.
كما ينبغي إعادة تفعيل مؤسسات وطنية ديمقراطية ونزيهة، من خلال انتخابات حرة تعبر عن إرادة الفلسطينيين في الداخل والخارج. هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة القرار الفلسطيني الحر والبدء في مسار جديد يرفض كل أشكال الهيمنة والوصاية.
إن العمل من أجل إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على قاعدة التحرير والعودة يجب أن يكون على رأس أولوياتنا. المدخل الرئيسي لتحقيق ذلك هو تشكيل قيادة موحدة تعبر عن طموحات الشعب، مع إحياء المؤسسات الوطنية التي تضمن المحاسبة والمساءلة. هذا لن يتم بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى عمل دؤوب نحو تأطير كافة الكفاءات والقوى والموارد الفلسطينية، ودفعها إلى الانخراط في مشروع البناء للوصول إلى حالة فلسطينية جديدة ترفع الهيمنة وسحب الشرعية عن كل ما هو خارج المشروع الوطني الفلسطيني.