مقالات

هل تغيّرت المعادلة؟ واشنطن تتواصل مع حماس وسط صراع المصالح والضغوط الصهيونية وفاء بهاني

لا تزال السياسة الأمريكية تجاه حماس غير واضحة، إذ لم يطرأ أي تغيير جوهري في نهجها حتى الآن، رغم وجود إشارات إلى إمكانية التواصل بين الطرفين. التصريحات الأخيرة الصادرة عن بعض قيادات الحركة، التي عبّرت عن استعدادها للدخول في محادثات مع الجانب الأمريكي، جاءت في سياق تطورات ميدانية وسياسية فرضت نفسها على المشهد. ومن الواضح أن واشنطن تتعامل مع الملفات وفق مصالحها، متجاهلة تصنيفاتها السابقة، وهو نهج اعتادت عليه في تعاملها مع قوى وحركات مختلفة عبر التاريخ.

لطالما تباينت المواقف الأمريكية وفقًا للظروف والمتغيرات، فهناك سوابق عديدة تشير إلى أن تصنيف جماعة ما كإرهابية لا يعني استبعادها نهائيًا من دائرة الحوار، خاصة إذا اقتضت الحاجة ذلك. إن تعامل الولايات المتحدة مع بعض الفصائل والتنظيمات المسلحة على مدار العقود الماضية يوضح أن المصلحة هي العامل الأساسي في قراراتها، وليس المواقف الأيديولوجية.

قد يكون التوجه نحو قنوات اتصال جديدة مدفوعًا بأسباب عدة، منها محاولة إدارة المشهد بشكل مختلف، أو السعي إلى التأثير على أطراف أخرى من خلال هذه التحركات. في بعض الأحيان، يكون الانفتاح المشروط على حركات معينة وسيلة ضغط تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو لدفع قادة دول حليفة إلى اتخاذ خطوات معينة.

لا يمكن تجاهل أن أي تغيير محتمل في آلية التعاطي مع القضايا الإقليمية يثير ردود فعل متباينة، سواء داخل الأوساط السياسية الأمريكية أو في أوساط القوى المتأثرة بهذه التحركات. هناك دائمًا حسابات داخلية وخارجية تفرض نفسها، وتجعل اتخاذ قرارات كهذه محاطًا بالكثير من التحديات، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بأطراف تشكل جزءًا من معادلات إقليمية معقدة.

على مدار التاريخ، شهدت السياسة الأمريكية تحولات مشابهة، حيث انتقلت العلاقة مع بعض الجهات من العداء المطلق إلى التفاوض، وفق ما تقتضيه المصلحة في كل مرحلة. إن تجربة التعامل مع أطراف مختلفة، سواء في آسيا أو الشرق الأوسط، تكشف أن المواقف الأمريكية ليست ثابتة، بل تخضع لحسابات استراتيجية متغيرة.

التحركات الحالية تفتح الباب أمام تساؤلات عديدة، من بينها: هل تسعى واشنطن إلى إعادة رسم خريطة نفوذها عبر قنوات تفاوضية جديدة، أم أن الأمر لا يتعدى كونه خطوة تكتيكية مؤقتة؟ لقد أثبتت التجارب السابقة أن الانخراط في محادثات لا يعني بالضرورة تحولًا جذريًا في السياسات، بل قد يكون مجرد وسيلة لاحتواء الموقف أو إعادة توجيهه.

في نهاية المطاف، سيحدد تطور الأحداث ما إذا كان هذا المسار الجديد يشكل بداية تغيير فعلي، أم أنه مجرد تحرك ظرفي يهدف إلى تحقيق أهداف محددة قبل العودة إلى النهج التقليدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى