هولاكو العصر: نتنياهو وحرب الإبادة اياد عبد العال

هولاكو العصر: نتنياهو وحرب الإبادة
اياد عبد العال
لم تشهد البشرية في تاريخها الحديث أو القديم مشهداً أكثر فظاعة مما ارتكبه بنيامين نتنياهو وجيشه الذي استحق عن جدارة لقب “هولاكو العصر”. تحت قيادته، تحول القتل والتدمير إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره. قتل عشرات الآلاف من المدنيين، أغلبيتهم من النساء والأطفال، ودمر كل ما يمت للحياة بصلة؛ من منازل ومدارس ومستشفيات ودور عبادة، حتى الأرض لم تسلم من بطشه، حيث حُوّل كل ما هو أخضر إلى رماد.
الأكثر مأساوية، أن مستقبل أكثر من مليون طفل فلسطيني قد دُمر، إذ تُركوا بلا مأوى ولا تعليم، يعانون القصف المستمر والانتهاكات اليومية. بينما يواصل الاحتلال سياسته النازية، يقف العالم متفرجاً، صامتاً أمام حرب استعمارية تسعى لإخضاع شعب رفض الخنوع والاستسلام، وأصر على الدفاع عن أرضه وحقوقه.
ما يرتكبه الكيان الصهيوني ليس مجرد سلسلة من الانتهاكات، بل هو سياسة إبادة جماعية ممنهجة، تستهدف البشر والتاريخ والثقافة. فالهجمات لا تقتصر على قتل المدنيين وتدمير المباني، بل تطال الهوية الفلسطينية، من خلال استهداف المساجد، الكنائس، والمواقع الأثرية التي تحمل تاريخاً يمتد لآلاف السنين.
إن صمت المجتمع الدولي وازدواجية معاييره يعكسان انهياراً أخلاقياً خطيراً. في حين تتحرك المؤسسات الدولية في قضايا أخرى، تلتزم الصمت أمام هذه الجرائم الموثقة. هذا الصمت يغذي الشعور بعدم وجود عدالة حقيقية، ويضع المحاكم الدولية أمام اختبار صعب لإثبات مصداقيتها.
رغم كل محاولات الإبادة، يبقى الشعب الفلسطيني نموذجاً للصمود والمقاومة. جيل الشباب الفلسطيني، على وجه الخصوص، أصبح رمزاً للتحدي، مستعيناً بكل الأدوات المتاحة، من المقاومة الشعبية إلى الإعلام الحديث، لفضح جرائم الاحتلال أمام العالم.
رؤية قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية ليست فقط انتصاراً للشعب الفلسطيني، بل هي أيضاً خطوة لاستعادة الهيبة للقانون الدولي. هذه المحاكمات تمثل فرصة لردع الأنظمة الداعمه للمشروع الصهيوني حول العالم، ولتأكيد أن الإفلات من العقاب لم يعد ممكناً. كما أنها تمثل اختباراً حقيقياً للنظام الدولي: إما أن ينتصر للعدالة، أو يستمر في الانحدار نحو الفوضى الأخلاقية.
دعم القضية الفلسطينية ليس مجرد موقف إنساني، بل هو معركة عالمية ضد الظلم والقهر. بناء شبكات تضامن عالمية تضم منظمات حقوقية، حركات تحرر، وأفراداً أحراراً هو مفتاح الضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية. كما أن محاصرة الاحتلال قانونياً وإعلامياً، وفضح الدعم غير المحدود الذي يتلقاه، خصوصاً من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، ضرورة ملحة لكبح جماحه.
للإعلام دور محوري في كشف الجرائم ونقل صوت الضحايا. مواجهة الروايات الكاذبة التي يروجها الاحتلال، وتعزيز الرواية الفلسطينية بمهنية واحترافية، يساهمان في كسب معركة الوعي العالمي.
محاكمة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال هي خطوة أولى في مسيرة طويلة نحو تحرير الشعب الفلسطيني، لكنها أيضاً انتصار لكل الشعوب التي تناضل من أجل الحرية والكرامة. القضية الفلسطينية ليست فقط قضية شعب مظلوم، بل هي قضية إنسانية تعني الجميع.
إن النضال المستمر والتضامن العالمي سيفضيان في النهاية إلى إسقاط الاحتلال ومشروعه الاستعماري. وكما يسجل التاريخ انتصارات الشعوب الحرة، فإن الشعب الفلسطيني لن يكون استثناءً. النصر قادم، والعدالة ستنتصر مهما طال الظلم.
هولاكو العصر