خاص

هل ينجح حزب “إلى الأمام”؟

الحزب الثالث هل ينجح حزب “إلى الأمام” في كسر الثنائية الحزبية وهيمنتها السياسية في الولايات المتحدة؟هل ينجح حزب إلى الأمام؟

 د. محمد سعد

 

تترقب الأوساط السياسية والشعبية الأميركية الحدث الكبير في 24 أيلول/سبتمبر المقبل، والذي يتمثل بتأسـيس حـزب سياسـي جديـد تحـت إسـم “إلى الأمام”  Forward Party (FWD)بميزانيـة 5 ملايين دولار، برئاســة المرشــح الديمقراطــي الســابق للرئاســة “أنــدرو يانـغ” الـذي تـرك الحـزب الديمقراطـي فـي عـام 2021 وأصبـح مستقلاً، و”كريســتين تــود ويتمــان” الحاكمــة الجمهوريــة الســابقة لولاية نيوجيرسـي، و”جولـي هـو” عضـو الكونجـرس الجمهـوري السـابق عـن ولاية فلوريـدا، كما يعتـزم العشـرات من المسـؤولين الجمهورييـن والديمقراطيين السـابقين تأسـيس هـذا الحـزب بهـدف إسـتمالة الناخبيـن الأميركيين مـن خلال سلسـلة مـن المؤتمـرات فـي عشـرات المـدن الأميركية الراميـة إلى نشـر برنامجـه والتعريف بأفـكاره، على أن تحتضن ولاية هيوسـتن حفـل الإطلاق الرسـمي فـي الصيـف المقبـل.

دوافع محفزة للتأسيس:

ثمة دوافع عدة تحفز قيادات حزب “إلى الأمام” إلى تأسيسه ويمكن إجمالها بما يلي:

1 ـــ رفض هيمنة الحزبين الديمقراطي والجمهوري:

يرتكز قادة الحزب الوليد على إستطلاع رأي أجرتـه مؤسسـة ”غالـوب“ في العـام 2021، خلـص إلى أن ثلثـي الأميركيين يعتقـدون أن هنـاك حاجـة إلى (حزب) طـرف أو إطار أو بديل ثالـث فـي الحيـاة السياسـية، كما خلص إلى أن نصـف البالغيـن فـي الولايات المتحـدة مسـتقلون سياسـياً، وهذه نسـبة كبيرة يظهرهـا هـذا النـوع مـن الإستطلاعات.

ويؤكد “يانــغ” أن نحــو 62 % مــن الأميركيين يرغبون برؤية حزب ثالث، إذ أن إحتكار الحياة السياسية بالثنائية الحزبية المتمثلة بالحزبين الديمقراطي والجمهوري لعشرات العقود، وهيمنتهما وتناوبهما على مقاليد الحكم في البيت الأبيض والكونغرس الأميركي والمعارضة يدفع بالكثيرين لإيجاد مخارج تنهي سيطرة كلا الحزبين على اللعبة السياسية الداخلية الأميركية.

2 ـــ معالجــة خلــل النظــام الحزبــي الأميركي:

يعتبر قادة حزب “إلى الأمام” أن حزبهم يشكل إطاراً متماسكاً للأصوات الداعية للتمرد على الثنائية الحزبية التي يجب كسرها، والتي أدت إلى الإستقطاب الحاد في الداخل الأميركي الأمر الذي يترك تداعياته السلبية على النسيج الإجتماعي الأميركي، لذا يقتضي إصلاح النظام الحزبي الأميركي إنخراط العديد من القيادات والشخصيات ذات الثقل السياسي والإقتصادي والإجتماعي التي كانت منضوية سابقاً في الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتعزيز حضور الحزب الجديد شعبياً، والتي ستؤدي حتماً إلى تقليل وتراجع شعبية الحزبين.

كما سيدعو الحزب الجديد إلى سـباقات تمهيديـة مفتوحـة، وإنهـاء التلاعب فـي الدوائر الإنتخابيـة، وحمايـة حقـوق التصويـت.

3 ــــ الإستعدادات المبكرة للانتخابات المقبلة:

ينخرط قادة حزب “إلى الأمام” في ورشة ضخمة تعمل على الإعداد لمؤتمر وطني في الصيف المقبل يقود إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من بطاقات الإقتراع التي تضمن فوز مرشحيه في الإنتخابات التي ستجري في العام 2024، إضافة إلى ذلك سيعمل الحزب الجديد على تنظيم جولات وطنية في الخريف القادم للإستماع إلى آراء الناخبين، وتفعيل الإنضواء في صفوف الحزب بالإعتماد على تسجيل أعضـاء جــدد، وتنسيق وتنظيم الجهود اللازمة لعمليــة الإقتراع بالإعتماد على شبكة واسعة من العلاقات والتشبيك مع الأطر المؤثرة من أفراد وجمعيات ومنظمات، والسعي للحصــول علــى إعتــراف قانونــي فــي 15 ولاية بنهايـة عـام 2022، وإستكمال الإعتراف فـي 29 ولاية أخـرى فـي عـام 2023 وفـي كل الولايات الأميركية بحلـول 2024. وتجدر الإشارة إلى ان الحزب الجديد لم يطرح أي مرشح له في الإنتخابات النصفية التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكنه سيعمل على تقديم الدعم لمرشحين مختارين من خارجه يدافعون عن الحرية والديمقراطية.

4 ــ تحديــات الداخــل الأميركــي:

تمر الولايات المتحدة بجملة من التحديات الداخلية والخارجية التي تشكل فرصة لظهور الحزب، حيث تظهر رؤية الأخير وبرنامجه السياسي ونظامه الداخلي، تركيزه على القضايا المهمة والحيوية والأساسية التي تهم المواطنين الأميركيين، ويأتي في طليعتها الإقتصاد، ومستوى المعيشة، والرفاهيــة، والحريــات الفرديــة والديمقراطيــة، وغيــر ذلــك، فــي وقــت تتزايد فيه حدة تحديــات الداخــل الأميركي، وأبرزها التضخـم، وتزايد المديونية، وإرتفـاع أسـعار الطاقـة، وهـو مـا قـد يسـاعد الحـزب الجديد علـى شــق طريقــه بســهولة نحــو الكونغرس الأميركي عند خوض غمار الإنتخابات البرلمانية.

خصائص حزب إلى الأمام:

يتبنى حزب “إلى الأمام” مجموعة من المبادىء والروىء التي تمنحه وفق قيادته تميزاً عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ويمكن إيجاز أبرز خصائص حزب “إلى الأمام” المتصلة بأفكاره أو قيادته بما يلي:

1 ـــ إندماج عدة جماعات سياسية في الحزب:

الحزب بصورته الحالية عبارة عن إندماج 3 مجموعات سياسية برزت في السنوات الماضية وهي حركة لنخدم أميركا Serve America Movement وهي مجموعة من الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين أسسها عضو الكونغرس الجمهوري السابق ديفيد جولي، وحركة تجديد أميركا Renew America Movement والتي تشكلت في العام 2021 من قبل المسؤولين السابقين في الإدارات الجمهورية لكل من رونالد ريغان، جورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش، ودونالد ترامب، وحزب إلى الأمام الذي أسسه يانع، وهذا ما يشرع الباب على السؤال الكبير عن ماهية فرص الحزب الجديد لتحقيق الفوز بوجه الحزبين الديمقراطي والجمهوري؟

2 ـــ إعتماد حزب إلى الأمام النهج الوسطي:

يقدم الحزب نفسه بأنه حزب وسطي بين يسار الحزب الديمقراطي ويمين الحزب الجمهوري، هدفه تمثيل مصالح الأغلبية الرافضة للإنقسام والتطرف والسياسي، وتوفير خيارات سياسية لها، والترحيب بالأفكار الجديدة التي من شأنها تحسين البلاد، وفتح باب النقاش والحوار في مختلف القضايا والأمور التي تطور الحياة السياسية والحزبية والإقتصادية الخ …، وتمكين النخبة الحزبية من حل كافة المشاكل في الولايات المتحدة من دون برامج صارمة شديدة المركزية.

3 ـــ التركيز على إعادة الثقة بالنظام الأميركي:

يتطلع حزب “إلى الأمام” لأن يكون بديلاً قادراً على التغيير، ووضع حداً لحالة الجمود الحزبية القاتلة، وللإنقسام السياسي الحاد، والذي تسبب به كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهذا ما عبر عنه في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، في شهر آب الفائت، حيث كتب يانغ، وجولي، والحاكم الجمهوري السابق لنيوجيرسي كريستين تود ويتمان، أن التطرف السياسي يمزق البلاد، وحذروا من أنه إذا لم يتم فعل أي شيء، فلن تصل الولايات المتحدة إلى عيد ميلادها الـ 300.

وكتبوا: “إن الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى حزب سياسي جديد، حزب يعكس الأغلبية المعتدلة والفطرة السليمة، لقد فشلت الأحزاب التي عفا عليها الزمن اليوم في تلبية إحتياجات الشعب”.

وتابعوا: “ونتيجة لذلك، يشعر معظم الأميركيين بأنهم غير ممثلين بما يكفي، لقد فشلت معظم الأطراف في الإنطلاق بنا إلى الأمام، إما لأنها كانت ضيقة جداً من الناحية الايديولوجية، أو لأن السكان غير مهتمين بما تفعله تلك الأحزاب، الناخبون الآن يدعون إلى حزب جديد أكثر من أي وقت مضى”.

4 ـــ إستقطاب رموز لديها خبرات مهمة وواسعة:

يعمل الحزب على إستقطاب قيادات ورموز لديها قدرات وخبرات كبيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كريستين تود ويتمان الحاكمـة الجمهوريـة السـابقة لولاية نيوجيرسـي من العام 1994 ولغاية العام 2001، وقـد سـبق أن عملـت مـع “دونالـد رامسـفيلد” فـي اللجنـة الوطنيـة للحـزب الجمهـوري عـام 1982، وكانت مديرة وكالة حماية البيئة في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش من عام 2001 إلى 2003 وترأســت مجموعــة ويتمــان الإســتراتيجية المتخصصـة بقضايـا الطاقـة والبيئـة.

ويضم الحزب الجديد في صفوفه كل من النائب الديمقراطي السابق عن ولاية بنسلفانيا جو سيستاك، والنائب الجمهوري السابق عن ولاية فلوريدا ديفيد جولي.

أما أندرو يانغ فهــو مرشــح ديمقراطــي ســابق للرئاسة، عمل محامياً لبعــض الشــركات، ونائبــاً لرئيس شــركة  (MMF Systems)الناشــئة لبرامــج الرعايــة الصحية، ثم سفيراً لريــادة الأعمال العالميــة عــام 2015.

يدعو الحزب الملايين من الأميركيين للإنضمام إلى صفوفه لإنهاء سيطرة الديمقراطيين والجمهوريين على الحياة السياسية، بيد أنه ليس من الواضح كيف سيكون بمقدور الحزب الوليد من التأثير في المسارات الإنتخابية للأميركيين في ظل الإستقطاب السياسي الحاد وسط محدودية فرصه للنجاح، سيما وأن تاريخ الحياة الساسية الأميركية يعج بمحاولات فاشلة لتحقيق نفس أهداف حزب “إلى الأمام” ويأتي في طليعتها وجود حزب ثالث يكسر جمود نظام الثنائية الحزبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى