خاص

اجتماع عمان، خطوة نحو الحل أم  إدارة للأزمة؟  بقلم وفاء بهاني

اجتماع عمان، خطوة نحو الحل أم  إدارة للأزمة؟ 

بقلم وفاء بهاني

اجتماع عمان الإقليمي والدولي الذي يُعقد اليوم يأتي في لحظة حرجة تمر بها المنطقة، ويعكس تعقيد المشهد السوري الذي أصبح ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية. الفكرة، التي بدأت بمبادرة عراقية-أمريكية وتلقفها الملك الأردني عبد الله الثاني، تسعى إلى منع انهيار سوريا نحو فوضى شاملة قد تمتد تداعياتها إلى دول الجوار. لكن السؤال الأساسي الذي يطرحه المراقبون: هل هذا الاجتماع خطوة حقيقية نحو الحل، أم أنه مجرد محاولة أخرى لإدارة الأزمة؟
من الواضح أن المصالح المتباينة بين الأطراف المشاركة ستلقي بظلالها على النتائج المتوقعة. تركيا، التي تُعد لاعباً رئيسياً في شمال سوريا، تبحث عن تعزيز نفوذها من خلال إعادة صياغة الخريطة السياسية بما يخدم طموحاتها. في المقابل، تعمل أمريكا على تثبيت وضع القوات الكردية، التي تمثل ذراعاً استراتيجياً لها في المنطقة. وبين هذين القطبين، تبقى الدول العربية المشاركة في الاجتماع أمام تحدٍ كبير لتقديم رؤية عربية موحدة تحفظ سيادة سوريا ووحدتها.
لكن ماذا عن الغائب الحاضر، الكيان الصهيوني؟ رغم عدم وجوده الرسمي على طاولة المفاوضات، فإن تأثيره واضح من خلال الحضور الأمريكي وأجندته التي تركز على تعزيز المكاسب الإقليمية للكيان، سواء عبر تثبيت احتلال الجولان أو السعي إلى تحويل سوريا إلى دولة ضعيفة ومنزوعة السلاح، تمهيداً لضمها إلى موجة التطبيع الجديدة.
لا يمكن إنكار أن سوريا اليوم تدفع ثمن صراعات القوى الكبرى التي تسعى لإعادة رسم خرائط المنطقة وفق مصالحها. تصريحات الرئيس التركي أردوغان عن طموح بلاده لضم حلب وحماة، وتأكيد الرئيس الأمريكي بايدن على أهمية توسيع نفوذ الكيان الصهيوني، ليست إلا إشارات إلى أن ما يجري خلف الكواليس أبعد ما يكون عن الحلول الجذرية.
الأخطر هو أن يتمخض هذا الاجتماع عن صيغة حكم فيدرالية تُكرس الانقسام الفعلي لسوريا، بحجة الحفاظ على مصالح جميع الأطراف. هذا السيناريو سيجعل من سوريا ساحة صراع دائم، ويُهدد الأمن القومي العربي بشكل مباشر.
في المحصلة، يبدو أن اجتماع عمان، رغم الزخم السياسي والإعلامي المصاحب له، لن يكون إلا خطوة أخرى في مسار طويل من إدارة الأزمة السورية. الحل الحقيقي يتطلب إرادة دولية صادقة لإنهاء التدخلات الخارجية وتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بعيداً عن الحسابات الإقليمية والدولية. وحتى يتحقق ذلك، ستظل سوريا رهينة للمصالح المتضاربة، تدفع وحدها ثمن صراع الآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى