خاص

المقاومة تصمد والكيان الصهيوني يترنح…. معادلة جديدة في المواجهة وفاء بهاني

المقاومة تصمد والكيان الصهيوني يترنح…. معادلة جديدة في المواجهة
وفاء بهاني

في الآونة الأخيرة، عبّرت قيادات عسكرية وأمنية في الكيان الصهيوني، سواء الحالية أو المتقاعدة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التابعة له، عن رؤى تفيد بأن ما تحقق لم يكن انتصارًا مطلقًا، وأن وقف إطلاق النار لم يأتِ بالشروط التي أرادوها. التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق أهداف مشتركة على الجبهة اللبنانية لم يسفر عن النتائج المرجوة، رغم سلسلة الضربات القاسية التي استهدفت بنية المقاومة وقياداتها، بدءًا من التفجيرات الدقيقة التي أخرجت الآلاف من المقاتلين وحاضنتهم، مرورًا بعمليات الاغتيال المؤلمة التي طالت قيادات بارزة، ووصولاً إلى غارات مكثفة وغير مسبوقة.
ورغم هذه المحاولات، أثبت الحزب قدرته على الصمود وإعادة ترتيب صفوفه بشكل سريع ومفاجئ. في وقت قياسي، استعاد الحزب منظومته التنظيمية والعسكرية، واستمر في إدارة معركته بنفس الحزم والإصرار، محافظًا على خطوط اتصاله وقيادته، وكأن شيئًا لم يحدث. بل انتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، مؤكدًا تمسكه بمبادئه وثوابته، دون اكتراث لحجم التضحيات التي دفعها أو قد يدفعها.
في المقابل، فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية، سواء بالقضاء على الحزب عسكريًا أو تقليص نفوذه السياسي، بل وحتى في إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى مناطقهم، بعد أن أجبرتهم المقاومة على النزوح بفعل القصف المستمر. لم تتمكن العمليات البرية التي جندت لها القوات الصهيونية إمكانات كبيرة من تحقيق أي اختراق ملموس، كما أن القصف الجوي المكثف لم يمنع استمرار إطلاق الصواريخ التي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، مستهدفة مواقع استراتيجية ومنشآت حيوية.
الأزمة داخل الكيان الصهيوني تعمقت مع استمرار حالة الاستنزاف على الجبهتين الشمالية والجنوبية. وقد برر نتنياهو موافقته على وقف إطلاق النار برغبته في إعادة تأهيل الجيش وتجديد تسليحه، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه المؤسسة العسكرية. في الوقت ذاته، وصفت قيادات سياسية وصحفية الاتفاق بأنه “شر لا بد منه”، وأكدت استحالة تفكيك المقاومة أو القضاء عليها بالكامل، مع اعتراف واضح بعجزهم عن التعامل مع الأنفاق والمخازن والبنية التحتية التي تديرها المقاومة.
على الجانب الآخر، أظهر الشعب اللبناني وحدة وطنية استثنائية، متكاتفًا خلف المقاومة رغم بعض الأصوات المعارضة المعروفة بارتباطاتها الخارجية. احتضن اللبنانيون النازحين وقدموا لهم الدعم في مشهد يعكس التفافهم حول القضية، في وقت يعيش فيه سكان المستوطنات الشمالية المحتلة حالة من الهلع والتشكيك في مستقبلهم.
حاول الإعلام المعادي تشويه صورة المقاومة والتهوين من إنجازاتها، لكن الدعم الواسع الذي تلقته من حركات المقاومة الفلسطينية ودول المحور الإقليمي والدولي، من اليمن إلى إيران وحتى أمريكا اللاتينية وأوروبا، فضح التوجهات العدائية لبعض الأنظمة والقادة الذين اكتفوا بالشجب والاستنكار. هؤلاء لم يقدموا أي دعم حقيقي للشعب الفلسطيني أو للمقاومة، بل انشغلوا بتبرير عجزهم وتطبيع علاقاتهم مع العدو.
ما جرى أكد مرة أخرى أن الكيان الصهيوني لم يخرج منتصرًا، رغم امتلاكه إمكانات عسكرية هائلة ودعمًا دوليًا كبيرًا. المقاومة أثبتت قدرتها على الصمود والتجدد، ورسّخت مكانتها كلاعب محوري في المعادلة الإقليمية، غير قابلة للتجاوز أو التهميش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى