الوحدة الوطنية درع الدفاع عن المخيمات والقضية الفلسطينية وفاء بهاني

الوحدة الوطنية درع الدفاع عن المخيمات والقضية الفلسطينية
وفاء بهاني
تواجه القضية الفلسطينية مخاطر جسيمة تسعى أطراف مختلفة إلى تصفيتها نهائيًا. هذه المحاولات ليست مقتصرة على الكيان الصهيوني وحده، بل تتورط فيها الولايات المتحدة وقوى الاستعمار الغربي، بتواطؤ من أطراف إقليمية وعربية. شعبنا الفلسطيني يتعرض لإبادة جماعية وتطهير عرقي يتطلب منا أعلى درجات الوحدة والتضامن لمواجهته. فما يحدث من مجازر مستمرة، والتوسع الاستيطاني وزرع الضفة الغربية بملايين المستوطنين، إضافة إلى التشريعات العنصرية المتلاحقة في الكنيست، كلها شواهد على مشروع تصفية كامل للقضية الفلسطينية. تصريحات المسؤولين الصهاينة التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني تعكس حجم المخطط الذي يهدد وجودنا برمته.
مهما كانت خلافاتنا الداخلية، فإن حلها يجب أن يكون في إطار وطني جامع بعيدًا عن العنف والاقتتال الذي لا يخدم سوى مخططات الاحتلال. الوحدة الوطنية هي صمام الأمان لشعبنا، خاصة في ظل محاولات الاحتلال والمستوطنين لتفكيك مجتمعنا وتصفية حقوقنا. حماية وجودنا الوطني لا تأتي بالتنسيق الأمني مع الاحتلال أو بالاعتماد على وعود الولايات المتحدة؛ هذه الأطراف لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها في المنطقة على حساب حقوقنا المشروعة.
مخيم جنين، كرمز من رموز النضال الفلسطيني، يعاني من هجمات متواصلة تستهدف إرثه النضالي وموقعه في المقاومة. هذا المخيم قدّم الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى وكان دائمًا في الصفوف الأولى لمواجهة مشاريع التصفية. أي استهداف له يعني ضرب قلب المقاومة الفلسطينية، وهو أمر يجب أن نكون حذرين منه. إن استمرار السلطة الفلسطينية في ممارساتها الأمنية ضد المخيمات الفلسطينية لن يعيد لها الدور الوطني الذي ينتظره شعبنا منها. الحياد السلبي، أو ما قد يُعتبر تواطؤًا في بعض الأحيان، لا يخدم إلا مصالح الاحتلال.
إن الحديث عن أدوار السلطة الفلسطينية وتنسيقها الأمني مع الاحتلال يُبرز تناقضات حادة. فبينما تُبرر السلطة هذه الممارسات باعتبارها ضرورة أمنية لحفظ استقرار الضفة الغربية ومنع التصعيد، يرى الكثيرون أن هذه السياسات تُفقدها شرعيتها وتمثل انحرافًا عن مسار المقاومة. عملياتها الأمنية، التي تستهدف الجماعات المسلحة مثل “كتائب شهداء الأقصى” وحركة حماس، تأتي ضمن تنسيق أمني مع الاحتلال الإسرائيلي يُنظر إليه داخليًا كخيانة، وكمحاولة لتعزيز سيطرتها السياسية وحماية مصالحها المالية المرتبطة بالدعم الدولي.
لا يمكن إنكار أن هذه السياسات تضع السلطة الفلسطينية في مواجهة مباشرة مع شعبها. التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي يُسوَّق أحيانًا كضرورة وطنية، يلقى معارضة شديدة من فصائل المقاومة وقطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني. استهداف المخيمات، التي تعد رموزًا للمقاومة، يفاقم مشاعر الغضب والإحباط ويضعف النسيج الوطني.
في ظل هذه التحديات، الوحدة الوطنية تظل السلاح الأهم في مواجهة الاحتلال ومخططاته. حماية المخيمات كرموز للنضال الفلسطيني واجب وطني لا يحتمل التأجيل أو التراخي. يجب أن يكون الهدف الأول هو الحفاظ على عزتنا وهيبتنا الوطنية، وحماية الدم الفلسطيني من الضياع في معارك جانبية لا تخدم إلا أعداء القضية. معركتنا الحقيقية ليست داخلية، بل مع احتلال يسعى بكل السبل لتصفية وجودنا.