دور الأمة العربية في التصدي لمشروع كيان الاحتلال وآف اق تقويته واستدامت ه

الطيب أحمد صدقي الدجان
1
أعرب عن سعادتي بهذا اللقاء، واستفتح بالذي هو خير. يمتد الو طن العربي جغرافيا على مساحة تزيد عن مليون نسمة بنهاية هذا 470 % من إجمالي اليابسة على أمنا الأرض. ويسكنه أكثر من 10 ويمثل هذا ، كيلومتر مربع 4 ، أي حوالي 2025 العام مليون نسمة 750 % من إجمالي ساكنة كوكبنا. وسيزيد عدد سكان وطننا الكبيرعن .25 فإن ساكنة ا لوطن العربي فيهم العرب من ، .بمنجهية الملل والنحل للإمام الشهرستاني في كتابه الشهير 2050 عام قحطانيين وعدنانيين وغير العرب من أكراد وأمازيغ ونوب يين وأرمن وتركمان وطوارق وشركس وشيشان وقبائل إفريقية كثيرة كالتبو جنوب الصحراء الكبرى في ليبيا خاصة والنوير والدينكا وغيرهم في السودان. أما على صعي د لة والدين، فغالبية العرب وغير العرب من أهل المنطقة يدينون بالإسلام من سنة وشيعة، تنقسم إل ى اثني عشرية ِالم وفيها إباضية وأزارقة، وأقلية تدين بالمسيحية على اختلاف وتعدد كنائسها، وفيها ،وخمسية زيدية،وسبعية اسماعيلية أقليات دينية عديدة أخرى كالص ابئة والمانوية والكاكائية والزرادشتية والأيزيدية والبهائية والبابية والسامريين بجبل 14 جرزيم بمحافظة نابلس في فلسطين وغيرها .ومنذ فجر الإسلام العظيم من قرنا، تبلورت أكثريتان على صعيد التقسيمات العرقية الإثنية والدينية في وطننا الكبير .فهناك أكثرية عربية تجمع العرب المس لمين والعرب غير وأكثرية تدين بالإسلام تجمع العرب مع غير العرب. ، المسلمين
% من خطوط التجارة البحرية الرئيسية في العال م بمضائق وبحار ومحيطات وموانئ الوطن العربي والتي 70 تمر مطارا مدنيا 190 ميناء بحريا. وفيه 150يربو عددها عن عاملا وقاب لا نظ وفيه أكثر من ، ريا لخدمة المجهود الحربي نصف مليون ك يلومتر طولي من الطرق السيارة والسريعة والرئيسية المعبدة ، وأكثر من مليون ونصف المليون برج وفي الوطن ، اتصالات لشبكة الهاتف النقال أو الخليوي القادرة على خدمة المجهود الحربي كذلك لوجستيا وشبكيا 7 العربي أكثر جامعة فيها مساقات علمية وتخصصات تشمل ج 20 بما في ذلك ما يتصل بالتقنيات ، ل المجالات البازغة مثل الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي والتعلم العميق للآلة وسلاسل الكتل وهندسة وبرمجة الحاسوب وغيرها. ويبلغ إجمالي ناتج الدخل المحلي أكثر من ثلاثة ترليونات ونصف الترليون دولار كما هو متوقع بنهاية هذا .2025 العام
وبالرغم من كل ما تقدم هو الأكثر ، لكن التكتل الإقليمي العربي كما الإسلامي تشظيا وتفتتا و انكشافا للاستعمار الصهيوني الغربي، وفيه آخر قلعة صهيونية استيطانية عنصرية إحلالية إقتلاعية في عالمنا. ويتأثر وطننا العربي أكثر ما يتأثر بموجات التغيير والتحديات الكبرى والتي سوف يكون لها الأثر على مستقبله. وأهم هذه التحديات ما يتصل بالتعددية القطبية سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتوجه الاستعمار الغربي الصهيوني إلى تكريس هيمنته على منطقتنا، وتحدي أنماط الحروب غير التقليدية وغير المتناظرة، وتحدي ولوج الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة ، وتحدي التخلص من الإحتلال والهيمنة والاستبداد والفساد، وتحدي تحقيق العدالة بمفهومها الواسع والشامل والتنمية المستقلة والمتوازنة والمتصاعدة.
وكان الهدف حينها تحقيق دولة الوحدة 1944 لقد نشأ هذا التكتل العربي بموج ب مقررات بروتوكول الإسكندرية عام العربية على جزء معتبر من جغرافية ما تحرر واستقل من أقطار عربية سبعة قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى تأسي س ،1945 غير أن الامبريالية البريطانية أملت إنشاء سكرتارية على النظام العربي الرسمي عام 8 جامعة الدول العربية بهيكلتها التي نعرفها جميعا، والتي لم تستطع تنفيذ أكثر من . % من مقرراتها منذ تأسيسها 5 وكانت نسب الإنجاز والآثار المترتبة علي ما تحقق خلال ثمانين سنة متواضعة إلى حد كبير.
وللإجابة ع ن سبل تقوية ال دع م العربي والإسلامي من أجل مواجهة مخططات الإبادة والتهجير ومن ثم تحرير فلسطين، علينا أن نجيب على هذ ا السؤال المطروح من جانبين الأول هو الرسمي والثاني الجانب الشعبي.
كما هو معلوم وهو من عموم البلوى كما بتعبير الفقهاء، فإن أولى أولويات الجانب الرسمي العربي كما الإسلامي القادرة على تغيير الرجل ، تتعلق بالحفاظ على السلطة والثروة والقيام بدور الوكيل لقوى الهيمنة الغربية الصهيونية 1 الأول ونظم الحكم العربية منذ ان قلابي حسني الزعيم وأديب الشيشكلي عام وبعده القضاء على ثورة مصدق 949 حتى يومنا هذا. لذلك أكثر ما نت وقعه من الأنظمة الرسمية العربية والإسلامية في المرحلة الراهنة هو إيجا د ،واغتياله بما يشمل ذلك التنمية البشرية وأهم أركانها التربية والتعليم ، حقائق الوحدة على الأرض العربية ومحيطها الإسلامي والربط الطرقي والسككي والشبكي لخطوط الكهرباء ، اللذان يكرسان السردية الحقيقة للصراع العربي الصهيوني والانترنت وتسهيل وتي س يير حركة البشر والسلع وأنماط المعرفة ومنصات التواصل الوطنية غير الخاضعة للرقابة الغربية الصهيونية.
2
على الصعيد الشعبي، يجب علينا جميعا وعلى كل واحد من أن يشرق من موقعه ومن ثم تحقيق الوحدة وإعلاء عقيدة وروح الإست ش هاد. إن البحث يستوجب بداية تحديد المصطلح المستخدم. ونبدأ بالتحديد اللغوي. فالانتماء لغة هو الانتساب. وفلان ين تمي إلى حسب ونسب. وقد ورد في الحديث الشريف: “انتمى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه” أي انتسب. وأصل الكلمة الثلاثي هو نمى بمعنى زاد وكثر، ونميته إلى أبيه “عزوته ونسبته” وانتمى هو إليه أي انتسب. وانتمى فلان إلى فلان إذا ارتفع إليه في النسب. وكل ارتفاع انتماء. والانت ماء إلى شيء أو مكان أو شخص أو فكرة أو عقيدة هو الانتساب إليه أو إليها. والنسب كما ورد في التهذيب يكون إلى الآباء، ويكون إلى البلاد، ويكون في العمل و . واستنسب وهكذا نجد ، الصناعة ويقال انتسب الرجل انتسابا أن الانتساب يكون للقوم وللمكان والموطن وللمهنة.
أما الهوية من الهو وهي تعني “حقيقة الشيء أو الشخص المطلقة المشتملة على صفاته الجوهرية”. وهوية الشيء عند الفارابي هو عينيته وتشخصه وخصوصيته ووجوده المتفرد الذي لا يقع فيه اشتراك.
نجد أن المرء يولد لأبوين من قوم في مكان بعينه، فينتمي إلى القوم وإلى الموطن. ، وعندما ننظر في ماهية الان تماء وينشأ ويترعرع متكلما لغة قومه متمثلا ثقافتهم، فينتمي إلى دائرة أوسع. ويدين بدينهم أو يهتدي إلى دين فيجمعه هذا الدين بآخرين مؤمنين يعيش معهم في ظل عقيدة واحدة وحضارة واحدة. ويدرك موقعه من العالم فيرتبط بالعالمين.
طبيعي إذن أن ينتمي هذا المرء إلى دائرة وطنية حيث الأهل الأقربون والموطن، وأن ينتمي في الوقت نفسه إلى دائرة قومية تجمع داخلها مجموعة أقطار تسكنها أقوام وشعوب تنتسب إلى أمة واحدة، ثم هو ينتمي إلى دائرة حضارية يغلب عليها دين واحد وتجمع داخلها أمما عاشت في ظل حضارة واحدة. وأخيرا هو ينتمي كإنسان يعيش على ظهر هذا الكوكب إلى الدائرة العالمية التي تضم فيها الأناسي جميعا.
إن الانتماء إلى الموطن والقوم عامل أساسي في تحديد الهوية تماما أن الانتماء إلى عقيدة عامل أساسي آخر. وبتفاعل هذين العاملين يتضح الوجود المنفرد. وهكذا يتكامل الانتماء إلى المكان وإلى القوم وإلى العقيدة ويتفاعل فيثمر الهوية، على صعيد الفرد وعلى صعيد المجتمع، وتبرز هذه الهوية الشخصية التي تعبر عنها بلغة القوم وثقافة تنسب إليهم ووحدة يحققونها وبحضارة يشيدونها. وعليه، فإن الحضارة وفق المعادلة التي بسطها مالك بن نبي هي نتاج تفاعل الإنسان مع التراب مع الزمن بدافع من دين يدين به هذا الإنسان. والإنتماء إلى هذه الحضارة التي يسهم الفرد أو المجتمع في تشييدها هو تعبير صادق عن الهوية، ومن خلال هذا الانتماء يأخد التعبير مداه الأوسع. وقد تعددت الحضارات الإنسانية في تاريخنا الإنساني وعبرت عن هويات واضحة، واحتكت وتفاعلت على صعيد الدائرة العالمية. والحضارة العربية الإسلامية هي إحدى هذه الحضا رات. وهي عربية اللسان، وعقيدتها التي وفرت النظرة الكلية هي دين الإسلام. وقد أسهم في تشييدها العرب المسلمين والعرب غير المسلمين مع شعوب أخرى دانت بالإسلام. وتمثلت هذه الحضارة حضارات المنطقة التي سبقتها في الظهور، وانفتحت على حضارات العالم القديم .
في ظل هذه الحضارة كانت الهوية واضحة على صعيد الفرد وصعيد المجتمع وكان لسان حال الفرد فيها وهو يسأل عن نسبه قول ذلك الشاعر :
قد ورثت المجد عن خير أ ب وأخذت الدين عن خير نبي
وأبوه كسرى ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم واللغة التي يعبر بها عن هويته وانتمائه هي العربية لغة تلك الحضارة. ولقد حرص أبو الريحان البيروني على الكتابة بالعربية وهو ليس من أصل عربي وشرح أسباب ذلك في كلمة خالدة له “ديننا والدولة عربيان…. والهجو بالعربية أحب إلي من المدح بالفارسية” وهذا شأن ابن سينا والفارابي وكثيرين آخرين. فالهوية هنا تحددت من خلال القوم والمعتقد، ولغة الحضارة التي تعبر عنها. وحق لحاملها أن يعتز بأبيه من أي قوم كان دونما استعلاء، ويعتز بدينه بلغة قرآنه وحضارته .
توافر هذا الوضوح للهوية في وطننا قرونا طويلة. ولم تلبث أن برزت قضية الانتماء واله و ية بفعل الأسباب التي ذكرناها.. الغزو الاستعماري الغربي الصهيوني، وتغير الخريطة السياسية وقيام الدول العربية الحديثة، والتغير المتسارع في عالمنا المعاصر. وقد استجابت أمتنا لتحدي الغزو الاستعماري الأوروبي بالتمسك بعروبتها وإسلامها، وشهد وطننا بروز ظاهرة إحياء روحي وظاهرة إحياء قومي، عبرت حركة اليقظة الحديثة عنهما وقرنت بوضوح بين العروبة والإسلام.
3
لقد استشعر هذه الحاجة جيل من مفكرينا حين اشتد الغزو الفكري الذي استهدف سلب الهوية في أجزاء من وطننا ابتليت باستعمار الغربي الاستيطاني. فقام هذا الجيل بمهمته وكان وعي الانتماء ووضوح الهوية العامل الرئيسي في كسب معركة التحرير. لنا هنا أن نستشهد بما فعله الشيخ عبدالحميد بن باديس وجمعية العلماء. ونقف أمام ذلك البيت الشعري الجامع:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب
ويقول من عاصر تلك الحقبة وأرخ لها إن ابن باديس آمن بثلاثة لا تعرف التجزئة ولا تكتمل الصورة إلا بها. ولم يهدأ روعه حتى ألحقها ببعضها ووصلها بلمحه لا تنفصم، وهي الجزائر الموطن والعربية والإسلام. وكان واضحا عند ابن باديس أن العروبة هي اللسان وهي فوق السلالات وهو لم ينكر قط ما أثبته التاريخ من أصل مازيغي للجزائر. وقد حدد الوطن العربي من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي .
إن وضوح هويتنا بالانتماء إلى دوائر الموطن واللسان والعقيدة والحضارة ينهي أي تناقض مصطنع بين هذه الدوائر، ويعبر عن نظرة علمية للواقع القائم ولا يحاول القفز فوق أية حقيقة فيه. وهو يفسح المجال لبناء وحدة وطنية قوية على صعيد الموطن الواحد تنطلق من الاعتراف بالتنوع والاعتزاز بوجوده وصولا إلى الوحدة. ويحث هذا المفهوم على الولاء للموطن ويغطي المشاعر الوطنية حقها ولكنه لا يقبل التعصب المذموم لها، ولا الانغلاق. وهو يوحي بأن هذا الولاء يتوجب ربط الموطن بالوطن الكبير لأنه يقوى به. وحين يحث هذا المفهوم على الولاء للوطن الكبير ويعطي المشاعر الوحدوية حقها فإنه لا يقبل المساس بروابط أخوة العقيدة، ولا بالانغلاق عن الدوائر الحضارية. وما أحوجنا إلى أن يتحقق الانسجام بين وطننا العربي الكبير وبين عمقه المتمثل في أوطان أمم أخرى تجمعنا معها الدائرة الحضارية .
إن وضوح الهوية يحقق إنسانية الإنسان، ويمكنه من إطلاق طاقاته من التفكر و ممارسة التفكير، فتبرز لديه إرادة الفعل ويحكمه منطق الفعل وتتوافر له القدرة على الفعل. ويثمر ذلك كله تبلور “الذات المستقلة” والثقة بالنفس، والانتماء لهذه الذات فتتجسد الأصالة. تتميز الذات عن الغير، كما يتميز الأنا عن الهو. ولا يمكن للفرد الذي تبلورت ذاته أن يكون تابعا، ولا يمكن له قبل ذلك أن يكون قابلا للتبعية، ولا يمكن له أن ينسب إلا لذاته. فهو هو وليس تابع هذا أو تابع ذاك. وما يصدق على الفرد هنا يصدق بصورة أقوى على المجتمع.
تتعامل هذه الذات مع الآخرين تعامل الند، وهي تعرف نفسها منطلقة من نفسها. وما يصدر من أفكار عنها نابع منها. وحين تتعامل مع الآخرين تعبر عن ذاتها وتتواصل معهم من خلال هذه الذات، ولديها الإدارة والقدرة على تعامل الأنداد وتبادل التأثير. وهي في حصن منيع بسبب ما تتصف به من إمكانية فقدانها ذاتيتها. إن وضوح الهوية هو ما عند إنسان النهضة والأمثلة كثيرة. والعكس صحيح أيضا فأولئك الذين – بوضوح – يميز كل نهضة حدثت، نراه سلبت هويتهم ذوات تابعة تفتقد الأصالة وتدور في فلك الآخرين، ولا تنتسب إلا مقترنة بهم. ومن مظاهر تبعيتهم أنهم لا يستطيعون تصور الذات المستقلة والأصالة في الانتماء. وقد وضحت فيهم القابيلة للتبعية. وهم يكثرون في فترات الانحطاط وتتجلى فيهم علة التبعية النفسية.
إن هذا المفهوم لهويتنا هو الذي يمكننا من الانطلاق إلى حمل رسالة الأخوة والتعاون مع العالمين، والتعامل مع أبناء الحضارات الأخرى على مستوى الندية الذي هو الشرط اللازم لنجاح تفاعل الحضارات، والإسهام في صنع حضارة الإنسان في عصرنا .
والآن .. كيف لوضوح هويتنا أن يظهر في معالجتنا قضايا عربية ملحة تشغلنا ؟
لنا أن نعرض قضايا مصيرية ثلاث كل منها له صعيده ومتربط بهدف بلورة تاريخنا. قضية الصراع العربي الصهيوني على صعيد الغزو الاستعماري لوطننا وهدفنا فيها هو التحرير. وقضية التعامل مع الحضارة الغربية على صعيد التفاعل الحضاري وهدفنا فيها التقدم، وقضية إيجاد الحقائق الوحدوية في وطننا الكبير على صعيد ب ناء وحدته وهدفنا فيها التوحيد بين يدي تناولنا لقضية الصراع العربي الصهيوني نستحض
4
في تاريخها الغزو الأجنبي لوطنها مرات. وفي كل مرة استهدفت الغزوات قلب الوطن فلسطين وبلاد الشام عموما كانت تبرز قضية الهوية والانتماء وعقيدة الإستشهاد بوضوح عند استجماع قوى الأمة لطرد الغزاة وتحرير الأرض.
برزت هذه القضية بوضوح إبان الغزو الفرنجي، وفعلت فعلها في الوصول إلى الصحوة التي بدت ملامحها بعد قرن من الحروب المتصلة. ويومها أمكن الانتصار في حطين وحدث التحول في الخط البياني للغزو. وقد لفت النظر أن جل أخوتنا النصارى العرب عبروا عن انتمائهم لأمتهم وحضارتهم وعقيدتهم بالاسهام في مواجهة الغزاة الذين ألبسوا غزوتهم ثوبا دينيا. وبرزت القضية بوضوح أيضا إبان الغزو المغولي والتتري، وحين أراد بعض الغزاة التتار ممن كانوا يدينون بالإسلام استغلال هذا الانتماء لغرض هيمنتهم، تصدى لهم العز بن عبد السلام موضحا الهوية والانتماء لمن التبس عليه الأمر من العامة، وداعيا إلى مقاتلة الفئة الباغية، وقائلا للناس إن رأيتموني أقاتل في الجهة الأخرى فقاتلوني. وفعل الوضوح فعله وحدثت الصحوة التي أوصلت إلى صد الغزاة وتحرير الأرض.
وقيام ه بمذبحة يافا وهي ،1798 لقد دخل الصراع العربي الصهيوني قرنه الثالث منذ غزوة نابليون بونا برت عام جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية، وقد مر الص راع بمراحل عدة شهدت غزوا صهيونيا أوروبيا ومقاومة عربية فلسطينية وحروبا عربية إسرائيلية آخرها حرب الإبادة على غزة العزة. ولقد عبرت الغزوة الصهيون ية في مسارها على مدى قرن مراحل التسلل والتغلغل والغزو والتوسع .كان النضال العربي ضد الغزوة الغربية الصهيونية على مدى قرن مراحل عدة، ونضال شعب فلسطين جزء منه ورأس الحربه فيه. ويمكن للنظرة التاريخية الثاقبة أن ترى أنه وصل بداية الصحوة. والصحوة هي حالة تجد الأمة فيها نفسها وقد وعت ذاتيتها بعد أن حددت هويتها، وعرفت عددها على حقيقته بجوانب قوته وضعفه، وصممت على منازلته ووثقت بقدراتها على مقارعته وتحقيق النصر.
تفاعلت عوامل عدة لتصل بنا إلى بداية الصحوة، في مقدمتها تفجر الثورة الفلسطينية تعبيرا عن الانتماء لدائرة الموطن، وبروز عامل العقيدة متفاعلا بعامل الوعي، وتراكم الخبرة. ولعل خير تعبير عن هذه الصحوة هو انتشار روح الاست شهاد. ولنا أن نقف بجلالة أمام هذه المقاومة البطولية المتصلة للاحتلال الصهيوني في غزة العزة وكل فلسطين المحتلة وفي اليمن ولبنان. إن الأيام القادمة تحمل في طياتها نذر هجمة جديدة من التطرف الصهيوني العنصري جعلوا لها عنوانا هوالإبادة والمجازر والتطهير العرقي والتهجير. وأخطار هذه الهجمة تتجاوز غزة الشهيدة والضفة إلى أجزاء أخرى من وطننا العربي خاصة جنوب لبنان وسورية. ولا بد من التصدي لهذه الأخطار على مختلف الصعد تعبيرا عن هويتنا وانتمائنا. ولا بد للوحدة ولروح الاستشهاد أن تأخذ مداها حتى نصل إلى استعادة الحق وتحقيق التحرير من الماء إلى الماء ومن الأرض إلى السماء وإحقاق العدل والعدالة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…..
[dflip id=”24303″ type=”thumb”][/dflip]