خاص

الدكتور علي محمد ربيج، ومديرة مركز قبة الصخرة للإعلام وفاء بهاني الإحتلال الصهيوني والترويج لـ»الهجرة الطوعية»: قراءة في الأهداف والتداعيات

في ظل للتخطيط لما أسماه بـ»الهجرة الطوعية» للفلسطينيين ليكشف عن مرحلة جديدة من محاولات التهجير، لكن بأسلوب جديد يعتمد على التلاعب بالمصطلحات بدلاً  من اللجوء إلى التهجير القسري العلني. وبينما يحاول الإحتلال تسويق هذه الفكرة على أنها مبادرة «إنسانية»، يرى المحللون السياسيون أن هذا الطرح ليس سوى إعادة إنتاج لسياسات قديمة بآليات حديثة تهدف إلى ترحيل الفلسطينيين دون تكلفة سياسية على الإحتلال.

بكير زروال للحديــث أعمــق وأكثــر تفصيــلًا، أجــرت جريــدة ســكوب نيــوز حــوارًا مــع الأكاديمــي الدكتــور علــي محمــد ربيــج، ومديــرة مركــز قبــة الصخــرة للإعــام – فلســطين وفــاء بهانــي الهجــرة الطوعيــة: مفهــوم مضلــل أم مخطــط ممنهــج؟

 

وفــي هــذا الســياق، أوضحــت مديــرة مركــز قبــة الصخــرة للإعــام – فلســطين، وفــاء بهانــي، أن الإحتــال يحــاول مــن خــال هــذا الطــرح الترويــج لسياســات التهجيــر القســري تحــت غطــاء إنســاني زائــف، ليبــدو وكأنــه يمنــح الفلســطينيين «خيــارًا» لمغــادرة وطنهــم، فــي حيــن أن الظــروف التــي يخلقهــا الإحتــال نفســه هــي التــي تدفــع بعــض الفلســطينيين للبحــث عــن حيــاة أكثــر اســتقرارًا خــارج أراضيهــم.

 

وأكــدت أن هــذا ليــس مفهومًــا جديــدًا، بــل هــو امتــداد لمحــاولات الاحتــال المســتمرة لدفــع الفلســطينيين إلــى الرحيــل، عبــر خلــق بيئــة طــاردة لهــم، تتمثــل فــي التضييــق الاقتصــادي، وهــدم المنــازل، شــمل العائــات، ّومنــع لــم ومنــع الفلســطينيين مــن البنــاء والتوســع، وفــرض الضرائــب الباهظــة، وغيرهــا مــن السياســات التــي تجعــل الحيــاة مســتحيلة فــي الأراضــي المحتلــة.

 

من جانبه، أكد الدكتور محمد ربيــج، الأســتاذ المتخصــص فــي العلــوم السياســية، أن الاحتــال يســعى إلــى تســويق «الهجــرة الطوعيــة» علــى أنهــا مشــروع قانونــي وإنســاني، لكنــه فــي الواقــع اســتراتيجية مدروســة لتهجيــر الفلســطينيين بطــرق غير تهــم بارتــكاب ُمباشــرة، حتــى لا ي جريمــة الترحيــل القســري المحظــورة بموجــب القانــون الدولــي. وأوضــح أن الكيــان يــدرك أنهــا لــم تعــد تســتطيع تنفيــذ تهجيــر جماعــي كمــا حــدث ، لذلــك 1967 و1948فــي عامــي تلجــأ إلــى تكتيــكات أكثــر دهــاءً، تقــوم علــى خلــق واقــع اقتصــادي وأمنــي واجتماعــي خانــق، يدفــع الفلســطينيين لمغــادرة وطنهــم عــي الكيــان أنهــم ّبأنفســهم، ثــم يد رحلــوا بمحــض إرادتهــم.

 

وأضــاف الدكتــور ربيــج أن
الإحتــال يــدرك أن الوجــود الفلســطيني علــى الأرض يشــكل عائقًــا أمــام تحقيــق المشــروع الصهيونــي بالكامــل، ولذلــك يســعى إلــى تقليــل عــدد الفلســطينيين فــي مناطــق اســتراتيجية مثــل القــدس والضفــة الغربيــة، عبــر التضييــق المتواصــل، لخلــق واقــع ديموغرافــي يخــدم أهدافــه. سياسات التضييق والتهجير غير المباشر وأشــارت بهانــي إلــى أن الإحتــال يســتخدم سياســات ممنهجــة لدفــع الفلســطينيين نحــو «الهجــرة الطوعيــة»، حيــث يتــم تصعيــد عمليــات القمــع والاعتقــالات الجماعيــة، وفــرض العقوبــات الجماعيــة، والتضييــق علــى الحركــة عبــر الحواجــز العســكرية، وإضعــاف الاقتصــاد الفلســطيني عبــر ســيطرة الاحتــال علــى المــوارد والمعابــر. وأضافــت أن الاحتــال يعتمــد علــى تعزيــز مشــاعر الإحبــاط لــدى الفلســطينيين، مــن خــال إغــاق الأفــق السياســي أمامهــم، ومنــع إقامــة دولــة فلســطينية مســتقلة، ليشــعروا أن لا مســتقبل لهــم فــي وطنهــم، ممــا قــد يدفــع البعــض منهــم إلــى البحــث عــن فــرص خارجيــة، وهــو مــا يريــده الاحتــال تمامًــا.

أمــا الدكتــور ربيــج، فقــد أوضــح أن هــذه السياســة ليســت جديــدة، بــل هــي اســتمرار لنهــج بــدأ منــذ عقــود، حيــث اســتخدم الاحتــال العديــد مــن الأســاليب لدفــع الفلســطينيين إلــى مغــادرة وطنهــم، بــدءًا مــن حمــات التهجير الجماعــي، وصــولًا إلــى فــرض الحصــار والتضييــق الاقتصــادي والأمنــي. وأكــد أن الاحتــال يراهــن علــى أن اســتمرار الضغــوط ســيؤدي تدريجيًا إلى تقليل أعداد الفلســطينيين فــي المناطــق المســتهدفة، ممــا يســهل عليــه تعزيــز الســيطرة الاســتيطانية وتحقيــق أهدافــه التوســعية. وأشــار الدكتــور ربيــج إلــى أن الإحتــال يســتغل الواقــع الإقليمــي والدولــي لتمريــر هــذه السياســة، مســتفيدًا مــن الأزمــات التــي تواجههــا الــدول العربيــة، ومــن حالة الانقســام الفلســطيني، ومن انشــغال العالــم بقضايــا أخــرى.

وأضــاف أن الاحتــال يــروج لهــذه الفكــرة عبــر الإعــام الصهيونــي والدبلوماســية الدوليــة، محــاولًا إقنــاع العالــم بــأن الفلســطينيين يهاجــرون طوعًــا، وليــس بســبب سياســات الاحتــال القمعيــة. دور المرأة الفلسطينية في مواجهة مخططات التهجير وأكــد الدكتــور ربيــج أن المــرأة الفلســطينية تلعــب دورًا محوريًــا فــي مقاومــة هــذه السياســات، ادة»، ّحيــث وصفهــا بأنهــا «ول مشــيرًا إلــى أن الإحتــال يراهــن علــى تقليــص عــدد الفلســطينيين عبــر التهجيــر، لكنــه يغفــل حقيقــة أن المــرأة الفلســطينية تواصــل إنجــاب أجيــال جديــدة تحمــل رايــة النضــال، ممــا يبقــي الأمــل فــي اســتمرار الوجــود الفلســطيني علــى الأرض، رغــم كل محــاولات الإحتــال لإفراغهــا. وأضــاف أن صمــود المــرأة الفلســطينية وتشــبثها بالبقــاء، رغــم كل الظــروف الصعبــة، يعــد عامــلًا رئيســيًا فــي إفشــال هــذه المخططــات، مشــيرًا إلــى أن الإحتــال يــدرك أن الزيــادة الســكانية للفلســطينيين تشــكل تحديًــا اســتراتيجيًا لــه، ولذلــك يحــاول تقليــص أعــداد الفلســطينيين بــأي وســيلة ممكنــة، بمــا فــي ذلــك التهجيــر غيــر المباشــر. الأهداف بعيدة المدى للإحتلال وتابعــت بهانــي أن الإحتــال يســعى مــن خــال هــذه السياســة إلــى تحقيــق أهــداف طويلــة المــدى، أبرزهــا تغييــر التركيبــة

الســكانية فــي الضفــة الغربيــة والقــدس، بحيــث يصبــح الفلســطينيون أقليــة داخــل هــذه المناطــق، ممــا يســهل علــى الاحتــال فــرض ســيطرته الكاملــة عليهــا. وأضافــت أن الاســتيطان المســتمر، وهــدم المنــازل، وســحب الهويــات المقدســية، كلهــا سياســات تصــب فــي هــذا الاتجــاه، وتعمــل علــى خلــق واقــع ديموغرافــي جديــد يخــدم المشــروع الصهيونــي. مــن جانبــه، أوضــح الدكتــور ربيــج أن الإحتــال يريــد أن يجعــل «الهجــرة الطوعيــة» خيــارًا وحيــدًا أمــام الفلســطينيين، عبــر إغــاق كل الطــرق أمــام بقائهــم فــي وطنهــم، بحيــث يصبــح التهجيــر غيــر المباشــر هــو الحــل الوحيــد الــذي يــراه بعــض الفلســطينيين ممكنًــا. وأضــاف أن هــذه السياســة تمثــل خطــورة كبيــرة، لأنهــا قــد تــؤدي إلــى تفريــغ تدريجــي لــأرض الفلســطينية مــن ســكانها الأصلييــن، دون أن يتحمــل الاحتــال المســؤولية المباشــرة عــن ذلــك. كيفية مواجهة هذه المخططات وحــول ســبل مواجهــة هــذه السياســات، أكــدت بهانــي أن الفلســطينيين بحاجــة إلــى تعزيــز صمودهــم علــى أرضهــم، وعــدم الاستســام لهــذه المخططــات، مشــددة علــى أهميــة دعــم المشــاريع الاقتصاديــة التــي تعــزز بقــاء الفلســطينيين، وتعزيــز الوعــي بخطــورة هــذه السياســة، حتــى لا تنجــح فــي تحقيــق أهدافهــا.

أمــا الدكتــور ربيــج، فقــد شــدد علــى أن المجتمــع الدولــي مطالــب بكشــف هــذه الاســتراتيجية وفضحهــا، وعــدم الســماح لاحتــال بتمريرهــا تحــت عناويــن مضللــة. وأضــاف أن المؤسســات الحقوقيــة والقانونيــة مطالبــة بتكثيــف جهودهــا لاعتبــار هــذه السياســة جــزءًا مــن جرائــم التهجيــر القســري التــي يحظرهــا القانــون الدولــي. كمــا دعــا إلــى ضــرورة تصعيــد العمــل الدبلوماســي الفلســطيني، لفضــح هــذه المخططــات علــى المســتوى الدولــي، وإبــراز حقيقــة أن الاحتــال يســتخدم أســاليب غيــر مباشــرة لفــرض التهجيــر القســري.

 

واختتمــت بهانــي حديثهــا بالتأكيــد علــى أن الفلســطينيين لــم يغــادروا أرضهــم طوعًــا منــذ النكبــة، بــل دائمًــا كانــوا ضحايــا سياســات الاحتــال القمعيــة، وأنهــم ســيبقون متشــبثين بوطنهــم رغــم كل محــاولات التهجيــر. أمــا الدكتــور ربيــج، فقــد أكــد أن مواجهــة هــذه السياســات تتطلــب وعيًــا فلســطينيًا كامــلًا بخطورتهــا، والعمــل علــى تعزيــز الوجــود الفلسطيني على الأرض، لأن بقاء الفلســطينيين فــي وطنهــم هــو أقــوى رد علــى هــذه المخططــات. وبذلــك، يتضــح أن «الهجــرة الطوعيــة» التــي يــروج لها الإحتال ليســت ســوى غطــاء سياســي لشــرعنة التهجير القســري، ضمن سياســة طويلــة الأمــد تهــدف إلــى إفــراغ الأرض الفلســطينية مــن ســكانها، وتمكيــن المشــروع الاســتيطاني مــن الســيطرة عليهــا بالكامــل

 

[dflip id=”23926″ type=”thumb”][/dflip]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى